قال الناقد محمد بن علي الطريّف أن برنامج (حس) الذي يقدمه الشاعر محمد السكران على القناة الثقافية بالتلفزيون السعودي أبهر كل منصف وبكل حياد موضوعي لأسباب عديده ألخصها بالتالي: الأول: أن الشاعر محمد السكران خرج عن الأسلوب النمطي المتكرر لدرجة بعث السأم والملل فالكثير من برامج الشعر الشعبي تشبه بعضها سواء في تكرار اسم الضيوف وتلميعهم الذي لا يقدم ولا يؤخر أو مواد الإعداد التي أكل الزمان عليها وشرب بينما ذكاء الشاعر محمد السكران جعله يتناول ما يطرحه بأسلوب محبب للنفوس وهو نهجه (للبساطة الهادفة) التي تسبر غور ما يهدف إلى إيصاله للمشاهد بعمق ودقة متناهية ومهنية ولم يكن ليتأتى له ذلك لولا تمكنه من موهبته كشاعر من جهة ومن جهة أخرى كناقد حصيف للشعر الشعبي وما استشهاداته بنصوص شعراء متميزين من جانب - لباب المعنى لا قشوره - إلاّ دليل قاطع لما أشرت إليه يضاف لكل ذلك غزارة محفوظاته من نصوص الشعر المتميزة وهذه مزيّة تحسب له كتطرقه لشعر الشعراء سليمان بن شريم - رحمه الله - وعبدالله بن عون وفهد عافت بحيث ارتبطت ذائقته الرفيعة بالمبهر من الشعر أياً كان جيل الشعراء أو مدارسهم الأدبية الذين استشهد بنصوص شعرهم وهو بهذا ينأى بالمشاهد عن تسطيح الكثيرين غيره للذائقة في بعض البرامج المشابهة ويفعّل لصالحه مقولة «وبضدها تتميز الأشياء».
ثانياً: قدّم كل موروث منطقة زارها البرنامج من مناطق الوطن الغالي بأسلوبه الشيّق وبتناول هادف بعناية فائقة كحديثه عن أهمية محتوى القصائد التي واكبت مراحل توحيد الوطن على يد مؤسسه وموحده الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن - طيّب الله ثراه- ومنها إحدى قصائد شاعر الحربيات (العرضة السعودية) فهيّد بن دحيّم - رحمه الله- التي شرح فيها الشاعر والإعلامي محمد السكران بإسهاب ما كانت عليه البلاد قبل عهد المؤسس من فرقة وخوف وجوع وظلم ثم ما آلت إليه من وحدة صفٍّ وكلمة وولاء ووفاء وأمن وأمان وعدل وخير وفير ولله الحمد مستشهداً بشرح وافٍ لمعاني أبيات من قصائد العرضة السعودية مستشعراًَ دور أهميتها الكبرى في توثيق الوفاء والولاء وهذا أمر مشرّف لم يغب عن فطنة الشاعر والإعلامي محمد السكران وهو يسلط عليها الضوء بكل فخر واعتزاز ليسهل شرحها لكل الأجيال الناشئة من أبناء الوطن الغالي.
ثالثاً: محمد السكران عُرف عبر برنامج شاعر المليون ووسائل التواصل الاجتماعي إلاّ أنه فاق الكثير من أقرانه ومجايليه وتحديداً عبر هذا البرنامج والمثل يقول (الضوء يكشف الظلام) بمعنى لو لم يكن في جعبة الشاعر محمد السكران ما يميزه عن غيره لأصبح هذا البرنامج دليلاً عليه أنه خالي الوفاض - وهذا ما جرى مع بعض أسماء قدّمت برامج عبر بعض القنوات وأفلت دون أن تقدّم ما يشفع لها في البقاء في الذاكرة- إلا أن الشاعر محمد السكران سجّل ويسجّل حضوراً لافتاً وبات إنصاف ما يقدمه من جهد حقاً مستحقاً وبرغم أنه البرنامج الأول الذي يقدمه إلاّ أنه قدمه بأسلوب صاحب التجربة المتبلورة تماماً ولازلنا ننتظر من (أبوعمر) الكثير في القادم بإذن الله.