مشعل الحارثي
الإرهاب بنوعيه الفردي الذي تتبناه جماعات أو أحزاب سياسية بهدف تنفيذ عمليات محددة، أو الإرهاب الرسمي الذي تشرف عليه وتتولاه وتنظمه وتخطط له وتدعمه دول تتمتع -وللأسف- بعضويتها في هيئة الأمم المتحدة، وكلا هذين النوعين لا يمثلان شيئاً طارئاً وجديداً على إسرائيل ومناصريها وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية والمجتمع الغربي، وإنما هو ركن أساس في تكوينها ومشروعها الصهيوني الاحتلالي وسلوكها المتطرف منذ شرعنة القوى العظمى احتلالها لأرض فلسطين بصدور قرار الأمم المتحدة الظالم بتقسيم أرض فلسطين إلى دولة عربية وأخرى إسرائيلية، وقيام ما يُعرف بدولة إسرائيل المزعومة، ومن ثم الشروع في أعمالها الإرهابية ونشأة حركة مستوطنين بالقوة التي كانت تصادر الأراضي وتبني عليها المستوطنات ثم تهجير شتات اليهود في العالم لتستقر بها بعد أن لفظهم العالم شرقه وغربه، بل لا نخالف الواقع والحقيقة إذا قلنا إن إسرائيل هي من أكبر الداعمين والراعين للإرهاب وتصدير الثورات إلى دول العالم حتى وإن ارتدى منفذو أعمالها في بعض الأحيان الزي العربي والملامح الإسلامية إلا أنهم في حقيقتهم صنيعة إسرائيل وممن اشتروا ذممهم بأزهد وأبخس الأثمان.
وطوال العقود الماضية كل منصف وذي عقل وبصيرة لن تنطلي عليه كل تلك الأكاذيب والإشاعات والادعاءات الباطلة فيما تروج له اليهودية الصهيونية العالمية دوماً بإلحاق الإرهاب بالعرب والمسلمين، ولكشف حقيقة ذلك ومع كل كارثة أو عملية إرهابية تحدث في شتى أنحاء العالم علينا أن نفتش أولاً وأخيراًعن الأيادي الخفية لليهودية الصهيونية التي أصبحت تعيث في الأرض فساداً وإرهابًا، وتقترف الجرائم تلو الأخرى وتعمل جاهدة لإشعال الحروب والثورات السياسية والاجتماعية وبث سموم العنصرية وتأجيج الحركات الدينية منذ الحربين العالمية الأولى والثانية التي كان الهدف منها القضاء على أوروبا، ومن ثورة (كرومويل) في بريطانيا إلى الثورة (البلشفية) في روسيا، ودعمها لعدد من المنظمات المسلحة للقيام بعمليات إرهابية وتفجيرات في بلدان الشرق الأوسط وغيرها، فضلاً عن إحكامها الهيمنة على أجهزة الإعلام العالمية وخاصة الأمريكية للعمل على تزييف الحقائق وتضليل العالم ونشر القيم اللاأخلاقية وكل صور الانحلال والفجور والسعي إلى تفكيك الأسر وإغراقها في ملذات الروح والجسد من خلال شبكات الدعارة لتشتيت أنظار العالم حتى تتمكن من تنفيذ أهدافها ومخططاتها في توسيع رقعتها وحكم العالم.
ألم يقولوا في بروتوكلاتهم المزعومة: لابد أن نهدم دولة الإيمان في قلوب الشعوب وننزع من عقولهم فكرة التدين ونحل محلها قوانين رياضية مادية لآن الشعب يحيا سعيداً هانئاً تحت رعاية دولة الإيمان، ويقولون كذلك سنعمل على إنشاء مجتمعات منحلة مجردة من الإنسانية والأخلاق ناقمة أشد النقمة على الدين ليصبح رجاؤها الوحيد هو تحقيق الملذات المادية وحينئذ يصبحون عاجزين عن أية مقاومة فيقعون تحت أيدينا صاغرين.
والشواهد على هذا التضليل والمخادعة الإسرائيلية للعالم والتستر على عملياتها الإرهابية الملصقة بها منذ نشأتها أكثر من أن تعد وتحصى، بل ستكون أكثر مصداقية عندما تأتي الشهادة من أهلها وأربابها ومنهم على سبيل المثال ما نشره أحد أركان الجيش الإسرائيلي الضابط الأسبق يعقوب الياب أحد قادة منظمتي (أتسيل) و(ليحيى) الرائدتين في عالم الجريمة والإرهاب في كتابه المنشورعام 1986م باسم (جرائم الارغون واليحيى) والذي كشف فيه صورة واضحة للإرهاب الرسمي الذي أنشأته إسرائيل، وفيه شهادات وإدانات دامغة على عدد من الجرائم والمذابح التي نفذتها كلا المنظمتين المذكورتين في فلسطين والعالم العربي، ومن خلال أجهزتها الاستخباراتية الإرهابية المتعددة التي تتردد على مسامعنا هذه الأيام منذ أحداث حرب غزة الأخيرة كجهاز (الموساد) الذي يهتم باستطلاع الموقف الدولي الخارجي والحصول على الأسلحة من الخارج، وجهاز (أمان) الذي يهتم بالاتصال بالملحقين العسكريين بالخارج والتجسس في المجالات العسكرية ومراقبة رجال الصحافة، وجهاز (الشاباك) المكون من أربع إدارات تهتم بمكافحة التجسس العربي على إسرائيل، والتجسس على بلاد أوروبا الشرقية، ومراقبة الحرب، ومكافحة نشاط المقاومة العربية، وجهاز (الشين بيت) المهتم بالأمن الداخلي.
وكما هو معلوم بأن الحركة اليهودية الصهيونية حركة ملحدة لا دينية تتخذ من الدين اليهودي غطاء تكتيكياً لها ويعملون جاهدين على استعداء المسيحيين على العرب والمسلمين بشتى الوسائل والأساليب، والدليل على ذلك أن أهدافهم ومخططاتهم الوضيعة تلك تعود جذورها إلى عام 1940م عندما تلقى يهود أوروبا تعميماً من الكنس اليهودي الذي كان مقره آنذاك بالأستانة بأن يعملوا على تخريب المجتمعات الأروربية من الداخل بل أجاز لهم اتخاذ المسيحية ديناً ظاهرياً ليسهل عليهم عمليات الهدم وتقويض الشعوب وإشعال نار الصراعات والخصومة الحاقدة بين قوى الدول وجعل السلطة هدفاً مقدساً تتنافس كل القوى للوصول إليه.
هذه بعض الملامح والحقائق عن وجه إسرائيل الصهيوني الإرهابي القبيح الذي لا يخفى على الكثيرين ليقودنا كل ذلك في الختام إلى قناعة مطلقة بأن حروب العالم وليس العرب والمسلمين فقط مع إسرائيل والصهيونية ليست حربًا ونزاعًا على الحدود وإنما هي حرب بقاء ووجود.