د.شريف بن محمد الأتربي
تطمح كثير من الدول إلى تنظيم المعارض العالمية والدولية على أرضها، رغبة منها في التسويق السياحي، وتحقيق الأرباح، مما يعود بالفائدة على المواطنين في هذه الدول. ومن أكثر المعارض شهرة على مستوى العالم يأتي معرض «إكسبو».
ويعد معرض إكسبو العالمي، الذي يعود تاريخه إلى المعرض الكبير عام 1851 في لندن والمعرض العالمي عام 1889 في باريس الذي شهد بناء برج إيفل، حدثًا استعراضيًا يستمر لأشهر ويجذب ملايين الزوار ويهدف إلى الاستجابة للتحديات العالمية، حيث تقوم فكرة معارض «إكسبو» على جمع الشركات حول العالم لعرض مقتنياتها الجديدة في المجالات المختلفة، ما يؤدي إلى انتشار تلك التقنيات الجديدة، عبر توقيع الشركات عقوداً لبيع تقنياتها الجديدة، ومن ثم انتشارها في العالم أجمع، فـ»إكسبو» هو المنصة الأهم عالمياً للكشف عن كل ما هو جديد.
وهناك عدة أنواع لمعرض «إكسبو»، يعد «إكسبو التجاري» هو الأشهر بينها، وتضم أيضاً «إكسبو للبستنة»، والذي يهتم بالتقنيات في المجال الزراعي وبالبيئة، وأساليب الزراعة التي تمكّن من استصلاح الصحراء، ثم «إكسبو المدن الذكية»، وهو منصة عالمية مخصصة لمناقشة ومعالجة وحل التحديات التي تواجه مدن المستقبل.
وقبل أيام قلائل وقع الاختيار على العاصمة السعودية الرياض لاستضافة معرض «إكسبو العالمي 2030» في الفترة من أكتوبر 2030 إلى مارس 2031 بعد عرضها الذي ركز على تشكيل مستقبل مزدهر ومستدام. وتخطط الحكومة السعودية لإنفاق 7.8 مليار دولار لتنظيم المعرض مستهدفة تقديم تجربة عالمية استثنائية في تاريخه.
سيقام المعرض بالقرب من مطار الملك سلمان الدولي الجاري تطويره حالياً مما يسهّل على الزوّار القادمين عبر المطار الوصول إلى موقع المعرض خلال دقائق معدودة من خلال استخدامهم شبكة «قطار الرياض» التي تغطي كافة أرجاء مدينة الرياض، إلى جانب شبكة الطرق الحديثة، والتي تتصل بأحد مداخل المعرض الثلاثة.
جرى تصميم أجنحة المعرض المقدّر عددها بـ226 جناحاً ضمن تصميم يشبه الكرة الأرضية، ويتوسطها خط الاستواء؛ في توجه يضمن فرصاً متساوية لجميع المشاركين في المعرض، وسيتم تحديد مواقع أجنحة الدول في المعرض بطريقة مرنة وفقاً لخطوط الطول لكل دولة وذلك في ترتيب يجمع دولاً من شمال الكرة الأرضية وجنوبها في خطوة ترمز إلى الدور المهم الذي تلعبه المملكة في تسهيل التعاون بين دول العالم، ويضمن التصميم سهولة سير الزائرين بمسافات قصيرة جداً للتنقل بين الأجنحة والساحات العامة والمرافق المخصصة للثقافة والابتكار، ومرافق خدمات الطعام بشكل سلس ومرن في ممرات مظلَّلة بالكامل ذات تصاميم من التراث المعماري المستوحى من تاريخ الرياض.
دائماً ما تشير التقارير إلى المكاسب التي تحققها الدول جراء تنظيمها للمعارض، وفي «إكسبو الرياض 2030» سيكون هناك حديث مختلف، حيث سيتم التركيز على المكاسب التي سيحققها المعرض من التنظيم في السعودية.
من أبرز المكاسب التي سيحققها المعرض- بإذن الله- تزامنه مع رؤية المملكة 2030، مما سيعطيه ميزة تختلف عن باقي المعارض السابقة، فأغلب هذه المعارض كانت ترتبط بأحداث من الماضي، بينما هذا المعرض مرتبط بالحاضر والمستقبل، وسيتم الإشارة إليه دائماً بأنه المعرض الذي عاصر نتائج الرؤية.
ومن المكاسب الأخرى التي سيحققها المعرض الدعم اللا متناهي من قادة المملكة العربية السعودية بدءاً من مولاي خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء - حفظهما الله- امتداداً لأصغر مسؤول في الدولة، حيث ستسخر الدولة كافة إمكانياتها اللوجستية والمادية لخروج المعرض بالشكل الذي يتناسب مع قيمة ووزن المملكة عالمياً.
ومن المكاسب أيضاً، ومع ختام المعرض سيتم اختيار 100 دولة من أجل إعادة استخدام أجنحتها بما يخدم المدارس والعيادات ومراكز الأبحاث في بلدانها، ولعلها هي السابقة الأولى التي يتم تحقيق الاستدامة العلمية للدول المشاركة في المعرض، بإعادة الاستفادة من أجنحتها.
وقد لخصت الكلمات التي كتبت على موقع المعرض رؤية المملكة له، فقد جمعت بين عام 2030 بثلاث رؤى:
رؤية وطنية، هي خارطة طريق لرحلة تهدف إلى بناء مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر ووطن طموح، وسيكون معرض الرياض إكسبو 2030 فرصة مثالية للمملكة العربية السعودية لمشاركة قصتها نحو تحقيق تحول وطني غير مسبوق مع غيرها من الدول وشعوب العالم.
ومرحلة العالمية، حيث تتركز الجهود العالمية حول جدول أعمال الأمم المتحدة 2030 وأهداف التنمية المستدامة، والتي تتطلب جهوداً تعاونية باستمرار سواء من الحكومات أو المجتمعات. سيكون معرض الرياض إكسبو 2030 بمثابة فرصة لدراسة أثر نتائج هذه الخطة وأهدافها على تحقيق الأهداف العالمية على مدى الـ 20 عام المقبلة.
وأخيراً، بوابة لعقود المستقبل، حيث سيكون العالم في 2030 مختلفاً عن عالمنا اليوم بالتزامن مع وتيرة التغيير المتسارعة في البيئة والتكنولوجيا والاقتصاد والجغرافيا، وكذلك ستكون الرحلة إلى إكسبو 2030 مختلفة باعتبارها محطة للاستكشاف الجماعي، والتساؤلات الناشئة والتخيل التي تساعد في الإعداد للعقود القادمة.
وفي لغة الأرقام تقف أية تحليلات شخصية أو توجهات أمامها عاجزة، فمن مكاسب «إكسبو» من تنظيمه في الرياض:
- 40 مليون زائر للموقع، ومليار زيارة عبر الموقع الافتراضي.
- 6 ملايين متر مربع المساحة الإجمالية لموقع المعرض.
- 246 مشاركاً متوقعاً من دول ومنظمات عالمية ومشاركين غير رسميين.
لم ولن يكون « إكسبو الرياض 2030» هو أول أو آخر معرض يتم تنظيمه في المملكة خلال هذه الفترة وحتى بعد المؤتمر، فالمملكة - ولله الحمد- ستحتضن على أرضها العديد من الفعاليات والمعارض العالمية والإقليمية مثل: دورة الألعاب السعودية، مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، ووصولاً للحدث الأعظم كأس العالم 2034.