محمد سليمان العنقري
قبل ثلاثة أعوام تأسست هيئة مسؤولة عن الأدب والترجمة والنشر ووضعت أهدافاً تتمثل في «إثراء المحتوى والوصول للمتلقي محلياً وعالمياً، ونشر ثقافة القراءة في حياة الفرد، وتطوير منظومة تنافسية مستدامة، وتعزيز التواصل الفعال مع أصحاب العلاقة», وفي الواقع إن هذا القطاع ليس وليداً فقد كان يتبع عدة جهات سابقاً ومنذ عقود حتى تم فصل قطاع الثقافة بوزارة مستقلة والتي أسست هيئات تعنى بالأنشطة الثقافية ومنها الإنتاج الأدبي وما يندرج تحته, ومن المعروف أن زيادة الإنتاج بالأدب والترجمة تثري المجتمعات وتحقق أهدافاً سامية في نشر العلم والمعرفة بكل أنواع العلوم النظرية والعلمية فنهضة الأمم تقاس بكم الإنتاج من الكتب والمؤلفات.
وفي تقرير الحالة الثقافية للعام 2022م أظهر أن عدد الكتب التي تمت ترجمتها 524 كتاباً بمختلف المجالات تصدرها أدب الطفل وأيضاً الكتب التعليمية الخاصة به وبعد ذلك كتب الفلسفة ثم الروايات ووفق هذا الرقم فإن كل مليون نسمة من سكان المملكة كان نصيبهم 16 كتاباً مترجماً بينما في إسبانيا فمتوسط نصيب المليون نسمة 250 كتاباً وتبرز اليونان كواحدة من الدول التي تترجم سنوياً آلاف الكتب رغم محدودية عدد سكانها بل بحسب تقارير عديدة فإنها تترجم خمسة أضعاف ما يتم ترجمته بالعالم العربي, فالرقم المعلن في تقرير الحالة الثقافية عن الكتب المترجمة يعد قليلاً جداً قباساً بأغلب دول مجموعة العشرين أو الاقتصادات المتقدمة, ففي الإحصائية ذكر بأن عدد كتب العلوم المترجمة خمسة فقط وكذلك ذات الرقم لكتب الإدارة والاقتصاد، فمن المهم في هذه المرحلة التي تشهد نهضة تنموية هائلة في المملكة ووصل معها الناتج الإجمالي لحوالي 1،1 تريليون دولار وترتيب اقتصاد المملكة في المرتبة الـ 17 عالمياً مع هدف بأن يصل إلى المرتبة السابعة مستقبلاً فإن الدور كبير على قطاع الترجمة بزيادة الإنتاج لأضعاف الرقم الحالي فنحن بحاجة لنقل العلوم والمعارف للمجتمع من دول متقدمة فاللترجمة فوائد كبيرة منها:
نقل المعلومات بين الحضارات وهي أداة تواصل بين الشعوب كما تساهم الترجمة في سرعة نقل العلوم والآداب بين دول العالم بالإضافة إلى أنها تساعد الطلاب على نقل معلومات من مصادر مختلفة حول أبحاثهم بخلاف ما تولده من فرص عمل للمترجمين، على الجانب الآخر ظهر في الإحصائية أيضاً أن عدد الكتب الأدبية التي تم إنتاجها العام الماضي 701 كتاب أي بمعدل 22 كتاباً لكل مليون نسمة وهو رقم لا يعكس تقدماً مقارنة بمتوسطات الدول المتقدمة التي تفوق هذا الرقم بأضعاف كما أن من بين المؤشرات المهمة التي نأمل التركيز عليها لتعكس مدى انتشار ثقافة القراءة كونها إحدى أهداف الهيئة أن يتم عمل دقيق يكشف كم متوسط قراءة الكتب سنوياً في المملكة ومقارنتها بالعالم ففي أوروبا يبلغ المتوسط 35 كتاباً سنوياً أما في العالم العربي فكانت المحصلة قراءة كتاب واحد سنوياً.
قطاع الأدب والترجمة والنشر له دور كبير في إثراء المجتمع بالثقافة والمعلومات والعلوم والمعرفة ويعد محركاً اقتصادياً في القطاع الثقافي حيث ينشط فيه دور النشر وخدماته وكذلك مكاتب الترجمة كما أن الإنتاج الأدبي يمكن تحويله إلى أعمال فنية تقدم مجتمعنا للعالم وهي من أدوات القوة الناعمة.