عبده الأسمري
غبت الأسبوع الماضي عن الحضور في مشهد مقالي الأسبوعي «حياد» بعد أن خط رئيس رؤساء تحرير الصحافة السعودية خالد المالك بقلمه الأحمر معلناً بعباراته الشهيرة «المقال غير صالح للنشر» وكعادته الميمونة المستشهدة بالموضوعية أخبرني أن «العبارات متشنجة» حاولت حينها أن أتدبر الأمر حرصاً مني على مصافحة قراء زاويتي بوجبتهم الأسبوعية من خلال تعديل بعض العبارات وتلطيف المكتوب ولكن رئيسنا الخبير أبلغني أن المقال يحتاج إلى «قراءة مستفيضة» ونقاش هاتفي وتم ذلك وأيقنت حينها أنه يسعى إلى إبلاغي برسالة قوامها «الأسباب» ومقامها «الدوافع» حتى يكون المقال صالحاً للنشر..
لقد كان مقالي عبارة عن نقاط مفصلة للرأي في بعض الأمور وحرصت على إتمامه لأنه يعد جزءاً ثانياً لمقالي السابق بعنوان «وقائع بين الوقع والواقع 1-2» فأثرت أن أضع هذا المقال الوسطي لتبيان تفاصيل وتداعيات وخلفيات تعد من الأسس والقواعد في الكتابة وأن ما بين الكاتب ورئيس التحرير علاقة مهنية تقوم على الاعتراف والإنصاف وتتكامل في سبيل السبب والمسبب وتتماثل ما بين الهدف والنتيجة.
هذا المقال ليس الأول ولن يكون الأخير الذي يواجه بالرفض وأنه غير صالح للنشر ففي كتابة الرأي ننطلق من اتجاهات معينة للوصول إلى أهداف معينة في حين أن الإجازة تبقى بيد رئيس التحرير الذي يمتلك مسؤولية «النشر» وبطبيعة الحال فإننا في هذه الصحيفة الغراء على مواعيد فاخرة من «التوجيه» من استاذنا القدير خالد المالك الذي يربط المقال ما بين الرفض والدواعي وبالتالي فإن ذلك يمنح الكاتب «أبعادا جديدة» نحو المقالات القادمة واختيارها ويجعلنا نسير بطاقة ذهنية مذهلة في مساحات خضراء من الآراء ولكن علينا «الانتباه» و»الوعي» عن «أشواك» الجوانب أو خطوط حمراء تفاجئنا في الأمام وقد نتجازوها فنعود للمربع الأول باحثين عن انطلاقة جديدة بأنفاس أقل هدوءاً والارتهان إلى نقاط «الحذر» التي تسبق الحدود الممنوعة.
كتابة مقالات «الرأي» تحديداً ووفق تجربتي الخاصة تجاوزت الكثير من «العراقيل» واجتازت العديد من «العوائق» حيث ارتفع سقف «الحرية» خلال الأعوام الأربعة الأخيرة ولا أبالغ أن لي مقالات كنت أراهن على عدم نشرها نظير مقياس «الجرأة» فيها المسجوعة بالموضوعية إلا أني تشربت أننا في مرحلة جديدة تقتضي «النقد» القائم على «الإنصاف» والانتقاد المعتمد على «الشفافية» وإني ككاتب مسؤول عن رسالة عظيمة تسهم في بناء التنمية وفي نماء الوطن ورصد الأخطاء متيقناً أن «مجهر» الكتابة الصحفية في فن المقال يستوجب رصد الأخطاء وتوصيف الحال ووصف الحلول..
الكتابة ميدان يقتضي الإلمام بكل الأدوات الواجبة والمعاني المستوجبة مع أهمية اكتمال منظومة الكتاب في الصحيفة ليكونوا «كتيبة» من فرسان القلم يدافعون عن «الوطن» من الأعداء المتربصين به كاهتمام أول وينافحون عن «هوية» البلاد بكل تفاصيلها في كل اتجاهات الماضي والحاضر والمستقبل كهمة مثالية ومسلمات وطنية ويرصدون الأخطاء ومكامن الخلل التي تعترض مسيرة النماء وفق منهجية مهنية يقف على رأسها رئيس التحرير الذي يوزع «بشائر» الرأي على صفحات الصحيفة وفق خبرته ومهنيته ورأيه الذي يجعل «الإعلام» شريك استراتيجي في صناعة التنمية ويسخر «الصحيفة» في إعانة الدولة على تحقيق أهدافها وإستراتيجياتها..
من المبهج أن يرتبط رفض أي مقال وفق توجيه رئيس التحرير بالمسببات والأسباب وفي هذا الصحيفة نملك «الحظ الوافر» من الرفض المرتبط بالرد الواقعي والمبرر الفعلي وكم هي «التغذية الراجعة» التي تعود على الكاتب عندما يجد الرأي موازياً لمقدار التعب الذي تؤكده أكثر من 700 كلمة مقترنة بالتفكير العميق والتحليل الأعمق والإبداع المكتوب عندما تجد «التقييم» و»التقدير» في احترافية الرد وحرفية التعامل ومهنية الرؤية.
اعتدت أن أقبع أمام شاشة جهازي المحمول بعد إرسال مقالي الذي أقوم بإرساله فجراً إلى عصر اليوم ذاته مرتقباً الرد وعندما يحين الغروب أعلم أن قلم رئيس التحرير الأخضر قد أجازه وأن الأزرق يحمل توجيها كتابيا للمسؤول الفني بوضعه في مكانه المستحق على «خارطة الآراء» مع حركة دؤوبة لسكرتارية مكتب الرئيس حتى مثول الصحيفة للطبع والموقع للنشر في ظل «عمل دؤوب» يتطلب الاتقان في الأداء والإذعان للرأي.
تعلمنا في مهمة الكتابة «الحرص» وأهمية «التوقيت» وضرورة التكيف مع دواعي «الرفض» ومساعي «التوجيه» وسبل «الرأي» وفق منظومة تعتمد على روح «التعاون» وتتعامد على معنى «التقدير» وفي كل اتجاه ودرب يبقى التوفيق عطاء رباني نأمل أن نحظى به في كل دروب الحياة وأن نكون عوناً لقيادتنا ووطننا ومجتمعنا في مهمة ورسالة وهمة نؤديها بحبر القلم ومداد العلم وسداد العمل..