أ.د.عثمان بن صالح العامر
لما تعد العزلة العالمية في هذا العصر ممكنة، ولم يعد الحضور العالمي لوحده يكفي، بل صار من الضروري أن يكون لتواجدك في الفاعليات العالمية والمحافل الدولية مؤثراً ولافتاً للأنظار ليس فقط حين المفاوضات السياسية الدبلوماسية، أو عند استعراض الأرقام الاقتصادية التجارية، أو حال اصطفاف الصفوف العسكرية المتراصة، أو حينما تنعقد المنتديات الفكرية والملتقيات العلمية المتخصصة، بل حتى الرياضة والفن والثقافة والترفيه والسياحة والصحة واحتضان المناسبات الدولية أياً كانت، كل هذه المعطيات أضحت اليوم جزءًا أساساً مما يعرف بالحرب الباردة التي لم تعد بين دولتين أو نظامين عالميين كما كان الحال إبان القرن العشرين، بل أشرعت هذه الحرب أبوابها، وفتحت نوافذها لكل بلدان العالم. والمملكة العربية السعودية بقيادتها العازمة الحازمة، الواعية المدركة لمتغيرات المرحلة، الحكيمة في التعاطي معها استطاعت في فترة وجيزة جداً أن تبدع في بناء صورة ذهنية متميزة، وأن تصل بنا إلى مصاف دول العالم الأول ذات السيادة والتأثير في القرارات المفصلية التي تُتخذ في حق الأمم وشعوبها، وفي هذا السياق تأتي استضافة المملكة لمعرض إكسبو الذي يعد الملتقى العالمي الأوسع انتشاراً، والأهم أثراً، توليه الدول جميعها جل اهتمامها، وتعرض فيه آخر مستجداتها الصناعية ومخترعاتها الذكية، وهو أكثر جماهيرية وحضوراً من أي فعالية عالمية على الكرة الأرضية، ولذا يعد في نظر المراقبين الدوليين فرصة ذهبية للتسويق والتواجد المؤثر في مضمار السباق العالمي، ولم يكن الوصول لتنظيم هذا الحدث النوعي المهم في عاصمة العرب الأولى، وقبلة المسلمين أجمع وبلد الإنسانية بلا منازع لولا توفيق الله عز وجل أولاً ثم الدعم اللامحدود مادياً ومعنويًا من لدن مقام مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وسيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء لكل ما من شأنه وضعنا في المقاعد العالمية الأولى في جميع الميدان وفي كل المجالات، وألا يكون وجودنا في الخارطة الدولية مجرد رقم، فضلاً عن العقل السعودي الفذ الذي راهن عليه سمو ولي العهد في أكثر من مناسبة وكان على مستوى الراهن، تفكيراً وإبداعاً وتنفيذاً، وأحلامنا لا نهاية لها، وطموحاتنا تعناق عنان السماء، ودمت عزيزاً يا وطني، وإلى لقاء والسلام.