د. محمد عبدالله الخازم
زاوية «نقطة ضوء» تركز على نقد السياسات والمفاهيم والتوجهات لا التفاصيل الإجرائية، لكنني أتجاوز ذلك لأشارككم إجابتي على سؤالين طرحا علي في أحد اللقاءات. يسألونني من مبدأ الثقة برؤيتي وخبراتي كمؤلف في التعليم ومساهم - مع قادة منحونا الثقة والدعم - في تأسيس وهيكلة وتطوير مشاريع أكاديمية وصحية، منها تأسيس كليات حديثة والعمل في تأسيس إدارة تخطيط ومقرراً لمجلس إدارة مدينة طبية مكونة من عدة مستشفيات ..إلخ. إجابة الأسئلة الافتراضية صعبة دون إلمام شامل بأهداف وتفاصيل العمل وصعوباته، لكنني سأغامر بلبس قبعة (المُنظر) في العمل التنظيمي، لعله يكون إيجابياً تقديم رأي مختلف من خارج دائرة العمل.
السؤال الأول، كيف تبدأ جامعة الملك سعود (الجامعة) خطوات تحولها؟
أمر طبيعي تولي مجلس أمناء الجامعة مسؤولية إدارة تحولها وإخراجها من نمطية وبيئة عمل ترسخت على مدى عقود. التقدير لإدارة الجامعة الراهنة ولعله أمر طبيعي أن تسنزف الأفكار وتتكرر الوسائل بعد سنوات طويلة من العمل في وقت نحتاج فكراً وطرائق جديدة. مجلس الأمناء هنا على عاتقه مسؤولية تتجاوز ما هو معتاد في المجالس التقليدية، لطبيعة المهمة والتطلعات العليا ذات العلاقة. سبق أن اقترحت أفكاراً لتحقيق حلم جامعة الملك سعود (جريدة الجزيرة، 28-5-2021)، لكن الخطوة الأولى ليست مناقشة التحولات بل كيفية إدارتها.
أقترح تأسيس أمانة لمجلس أمناء الجامعة متمكنة ومستقلة عن المناصب التنفيذية بالجامعة باعتبار أننا أمام مرحلة تأسيسية وتطويرية كبرى تتطلب الخروج برؤية ونظام عمل لا تغرقه تفاصيل الجامعة اليومية. كل التقدير للأمانة الحالية - حديثنا عن الأدوار وليس الأفراد- فقد شكلت وفق المعتاد في الجامعات والمؤسسات، للقيام بأدوار تقليدية مثل ترتيب الاجتماعات وإعداد المحاضر، إلخ. استقلالية وتمكين وتنظيم أمانة المجلس يسهم في تركيز وتنظيم جهود مجلس الأمناء لاتخاذ القرارات المناسبة. حتماً، الأعضاء أكثر خبرة ودراية مني بهذه الأمور، لكنني - من واقع خبرة عمل مع أكثر من مجلس إدارة - أرى بأن تميز مجلس الإدارة أو الأمناء يعتمد على جودة تنظيم عمله، وعمود ذلك هو وجود جهاز مساند - أمانة - متميزة.
الخطوة الأخرى، ملفات تحول الجامعة متعددة يصعب تناولها دفعة واحدة، لذلك يحتاج تنظيمها إلى مسارات أو برامج. تحتاج أمانة المجلس تأسيس إدارة/ مركز/ مكتب التحول/ المشاريع، يتولى تنظيم ومتابعة وتطوير مسارات التحول المتفق عليها، بما ينظم ويعزز عمل مجلس الأمناء. ولأنه مطلوب تسريع الإنجاز التشريعي والتنظيمي للجامعة، يتوجب مناقشة تلك المسارات بشكل متوازٍ. وللإيضاح أقترح - كفكرة - أمثلة للمسارات/ الملفات الكبرى التي تحتاج الجامعة العمل على تطويرها:-
1- مسار الموارد الذاتية والاستثمارية.
2- مسار آليات الدعم الحكومي للجامعة.
3- مسار الموارد البشرية وتنظيمها.
4- مسار الحوكمة والسياسات والهياكل التنظيمية.
5- مسار تخصيص الخدمات وأبرزها الصحية.
6- مسار الإصلاح والتطوير الأكاديمي والبحثي.
السؤال الثاني، هل تقترح رئيساً أجنبياً للجامعة؟
تتعدد وجهات النظر في هذا الشأن ولست متحمساً لفكرة إحضار رئيس أجنبي للجامعة. القائد يعمل في بيئة ولكي ينجح الأجنبي سيحتاج عشرات الكفاءات الأجنبية لتكوين بيئة عمله، مما يعني عزل وقتل طموحات الكفاءات القيادية الوطنية وربما الدخول في نفق هدر من نوع آخر لا تحبذه الجامعة. الأفكار موجودة والكفاءات متوفرة والتجربة العالمية متاحة، إن بحثنا سنجدها. أرى أنه يمكننا وفق الحاجة إحضار كفاءات أجنبية خبيرة لمهام/ مجالات محددة أو لمساعدة القيادات السعودية. لدينا تجاربنا؛ كبريات بنوكنا وشركاتنا تقودها كفاءات وطنية تساند بعضها كفاءات أجنبية وفق التخصص والاحتياج. الجامعات ليست أكثر تعقيداً من تلك المنظمات.