علي الزهراني (السعلي)
أجمل الأشياء «خيبة الأمل»، نعم تصدقون ذلك؟! عندما تحلم وتحلم وتعيش ذاك الحلم ويصبح بعض واقع ثم يحُول على ذلك حولا في النفس وإن كانت لأيام لأسابيع لكن ما بين الحلم والواقع «أشياء أخرى»، تلكم هي خيبة أمل جميلة فلنعشه وإن كان فراقا مؤلما! تعالوا معي نعرف قصة تكرار الوصف عند فرانتس كافكا في كتابه «يوميات فرانتس كافكا» الخامس عشر من تشرين الثاني: الساعة العاشرة «لن أدع نفسي تصاب بالإرهاق سأغمس نفسي في أقصوصتي حتى لو مزقني ذلك الوجه».
ويكمل في موضع آخر:
التاسع عشر من كانون الأول:
بدأت العمل في المكتب أما بعد الظهر فسأكون عند ماكس، قرأت قليلاً في يوميات غوته، أن المسافة هي التي تبقي الحياة ساكنة، أما هذه اليوميات فهي التي تضرم النيران فيها، إن وضوح حوادثها جعلها تبدو غامضة كسياج الحديقة الذي يريح العين عند التأمل في مسطحات عشبية أخرى، لكن تلك اليوميات لا تضعنا في حالة احترام يليق بها، الآن وصلت شقيقتي المتزوجة كي تزورنا للمرة الأولى: أيها السيدات والسادة تعمدت من هذا الكتاب المستفز من يوميات فرانتس كافكا تحرير ماكس برود ترجمة الدكتور خليل الشيخ لأصل الفكرة أن كافكا بطبعه سوداي النظرة حياة عملا كتابا، ولعل هذه اليوميات من سيرته تؤكد تلك النظرة، فنحن أمام كاتب مهووس بخيبة الأمل والتطلع إلى التحولات في حياته، صامت حين يتحرك، يتحرك حين يكون السكون، ومع تلك الخيبات التي يشعر بها فارقنا وترك لنا كتبا وروايات وقصصا ويوميات خرجت لنا بأن الخيبات جميلة وإن كانت مؤلمة!
والسؤال الذي أراه مهما هنا:
كيف نجعل من خيبات بعضنا فرحا جميلا؟ قبل الإجابة عن هذا السؤال صادفت بالبحث عن كتب وروايات تتحدث عن هذه الخيبة من رواية لمحمد جمال... أغلبها تصف الخيبة وربما تضع «مسحات طبية» مسكنات للألم، لكن المشكلة التي تواجهنا كقرّاء هي أن الخيبة موجودة وإن صمتت قليلا فحتما ستنفجر في دواخلنا في أي لحظة!
دعونا نفصّل ذلك من أن نفرح لخيباتنا كيف؟!
حسنا كل خيبة فينا تعقبها حسْرة وندم وألف سؤال وسؤال لماذا؟ هنا نقف - عفوا - على هذه الكلمة «الخائب»، اجعل من خيبتك فرصة لانبثاق نور من ثقب باب، اعتيرها نقطة في آخر السطر واكتب في وسط ورقة ذواتنا {بِسْمِ اللّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا}، ضع الخيبة -عفوا- تحت قدميك واعتليها لتصعد سُلّم الفرح، هذه الخيبة خذها كورقة بائسة لا تحب أن يطّلع عليها أحد، جمّعها داخل قبضة يدك جيدا ثم اركمها إلى أقرب مقبرة للنسيان، استقبل القبلة وصلي على الخيبة صلاة الغائب بفرح على يمينك، قل للخيبة: لم ولن تزيديني سوى صبرا ورقصا وفرحا، الرضا بقضاء الله وقدره خيره وشره.
عندها نجعل من خيباتنا فرحا بالاستعانة بالله ثم بالقراءة والكتابة والرياضة ثلاثية الرقص على أوجاعنا.
سطر وفاصلة
السعادة قد تأتيك على طبق من آمال فاغتنم منها كُثْر ما تشاء واعلم أن صباحك هو مساؤك وما بينهما شوق وحنين وأشياء أخرى، الأحلام تبقى منطوقة بالخيال وجمالها في ذلك وإن تحققت فيصبح الواقع حلما جميلا تسمع تغريدة البلابل وصوت هديل الحَمَام وأمواج بحرٍ يصفق ويقول لك:
هذا مكانك يا...