م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1 - مصطلح العولمة هو امتداد لمصطلح الرأسمالية الذي أسهمت الثورة الاتصالية في تسريع تحققه.. فقد قامت منظمة التجارة الدولية على قاعدة «دعه يعمل، دعه يمر».. كل ذلك تحقق مع تطور التقنيات الإلكترونية المذهل الذي جعل من العولمة حقيقة ثابتة، وأصبحنا نعيش مرحلة الحكومات الرقمية، حيث التماس بين الدول والمجتمعات صار أكبر، وانتقال الأموال والمعلومات أسرع.. مما أضعف دور الحكومات المحلية في السيطرة على اقتصاداتها بسبب التوسع الهائل في التجارة العالمية.. وأصبح العالم كتلة واحدة من ناحية التأثر بالتقلبات الاقتصادية والمخاطر البيئية.. وما كان ذلك ليتحقق لولا الحكومات الإلكترونية.
2 - المُشَاهَد اليوم أن الحضور الأقوى هو للنظم المالية والتقنيات الإلكترونية العالية.. وهذا بدوره سوف يعيد صياغة النظم المؤسسية القديمة، وانتهاء الدول القومية، وصعود الحضارة المدنية من خلال المنظمات الدولية، ويصبح العالم فعلاً دولة واحدة تعمل وفق نظام مالي واحد، تكون فيه للمنظمات الدولية كلمة عليا.
3 - العولمة اليوم حقيقة قائمة، ومع بروز الفردية وارتفاع التنافسية أصبح الاعتماد على بعضنا البعض أكبر.. الذي اختلف هو أن داعي الاعتمادية في السابق كان التكاتف الأسري مثلاً، أما اليوم فإن الاعتمادية قد اتسع مجالها وأصبحت تعني الاعتمادية التكاملية المهنية وليست الاجتماعية.. فكل فعل أو تصرف في أي جزء من العالم صار يؤثر على الأطراف والأجزاء الأخرى، وأصبحت العولمة تمس حياة الناس في جميع بلدان العالم الغنية والفقيرة.
4 - «العولمة» وإن بدأت كحالة اقتصادية إلا أنها اليوم تشمل مجالات السياسة والثقافة والاجتماع إلى جانب الاقتصاد.. فثورة الاتصالات والتقدم التقني مزجت كل تلك الحالات التي كانت تعتبر مستقلة، وعجلت بارتباط بعضها ببعض، ووسعت نطاقها على الصعيدين الإقليمي والدولي.
5 - أصبحت العولمة تنتج مخرجات يصعب السيطرة عليها، وسوف تزيد من اتساع الفروقات بين البلدان الغنية والفقيرة، وتقلص من حواجز التجارة الدولية، وتوسع من نطاق التجارة الحرة والأسواق المفتوحة، وصارت دول العالم أمام فرص الاندماج في سوق واحدة مفتوحة.. وبهذا خلقت مشكلة أمام الدول القومية حيث أصبحت الشركات الكبرى العابرة للقوميات أكثر قوة وتأثيراً من الحكومات في الدولة القطرية.
6 - الحكومات الرقمية هي نتيجة، وتعد مؤشراً على مدى التقدم الذي وصلت إليه الحكومات المحلية، وهي ميدان السباق المستقبلي للمجتمعات الإنسانية.. نحمد الله أننا اليوم في المملكة نعد من الدول التي صار لها تصنيف متقدم في قائمة الرواد في هذا الميدان.