عبدالله إبراهيم الكعيد
انتقدني البعض بعد نشر مقالة «الاسترخاء في مطبخ الاقتصاد الأنيق» إذ يعرف أولئك البعض بأن لا ناقة لي ولا جمل بحكاية المال والأعمال ناهيك عن علم الاقتصاد. كرروا لي الجملة التي سمعناها مراراً (أقصد كُتاب الرأي) وقت صراع الأفكار الذي كان لفئة معينة الصوت الأعلى في ظل مهادنة للجميع حفاظاً على السلم المجتمعي وتماسك اللحمة الوطنية.
قالوا: من تكلّم في غير فنّه أتى بالعجائب.
لا بأس في هذا القول حين يكتب غير الطبيب في تشخيص الأمراض والأوبئة. غير المهندس في التصميم وتفاصيل إنشاء المباني والجسور. من لا علاقة له بإدارة الحشود في المشاعر المقدسة بطرح أفكارٍ قد تصلح لأي أمر عدا التعامل مع ملايين الحجاج بكل تعقيدات إدارة تحركاتهم. إلى آخر تلك التخصصات المهنية البحتة.
إنما حين يكتب أحدنا في الشأن العام وهو الأمر المتاح للجميع خصوصاً تلك المواضيع التي تتعلّق بحياتنا جميعاً المتخصص وغير المتخصص. وحينما كتبت المقالة إياها لم أتعمّق أبداً في علم الاقتصاد ونظرياته. سياساته المُعلنة والخفيّة رغم ورود المفردة العتيدة في العنوان المرقوم في فاتحة الزاوية. ورحم الله من عرف قدر نفسه. وكاتب هذه السطور يعرف نفسه جيداً. بل يعرف المتاح وغير المتاح. المسموح والممنوع. كنت أرمي حينها لفت الأنظار إلى شرائح كبيرة في هذا العالم الواسع. شريحة الفقراء. البسطاء. ملح الأرض.
أولئك الذين نعتبرهم في بلادنا يستحقون منّا الرعاية والاهتمام. نشعر بهم حكومة وشعباً في هذا الوطن الكبير. ناهيك عن نقل معاناة فقراء العالم من قبل وفود بلادنا في المؤتمرات والتجمعات العالمية سيما حين لا يوجد من يمثلهم في تلك اللقاءات.
وجدتُ منتدى دافوس العالمي وما يحدث فيه وما يقال عنه رغم بعدي عنه ككاتب في الشأن العام مدخلاً مناسباً للتذكير بشريحة قد يصبح أحدنا في يوم من الأيام ضمنها، أعني أولئك الذين غدر بهم الزمن وأجبرتهم المتغيرات كي ينضووا مع ملايين غيرهم تحت مظلّة كُتب عليها (ملح الأرض) فقراء رغماً عنهم.
أُدرك أننا في زمن التخصص بكل مناحي الحياة لدرجة وجود مسمى مراسل حربي وكاتب اقتصادي وآخر متخصص في شؤون الشرق الأدنى ومؤرخ فنّي وذاك المتخصص في كرة القدم وهكذا. إنما الكتابة في الشأن العام وكل ما يتعلّق بحياة الإنسان. همومه. تطلعاته. فهو أمر متاح للجميع بل وتفرض بعض المواضيع على الكاتب تناولها والكتابة عنها. وما دام الشيء بالشيء يذكر أجدها فرصة للإشارة إلى ما يحدث في منصات وتطبيقات السوشيال ميديا فهناك بالفعل يختلط الحابل بالنابل كما يقال ويتصدى للحديث المباشر في المواضيع التخصصية البحتة من لا علاقة له بها. هناك يوجد من يعطي نصائح طبية وآخر يقدم استشارات نفسية واجتماعية وتحليلاً لسوق المال وغيرها. المشكلة ليست في هؤلاء، بل فيمن يصدّقهم وينفذ مضمون كلامهم الخنفشاري.