د.عبدالعزيز بن سعود العمر
عندما تنظر عن قرب شديد إلى لوحة رسمها فنان عظيم لن ترى سوى خربشات، ولن تكتشف روعة الصورة وجمالها وفكرتها إلا إذا رجعت إلى الوراء وشاهدتها من بُعد (أي الصورة الكبرى)، يرد في أدبيات تطوير التعليم مصطلح الصورة الكبرى (Big Picture)، وهي تصور عام أو رؤية شاملة من بعد تجاه أي موضوع أو حدث يراد تطويره، وغالباً ما تتميز هذه الصورة أو الرؤية بكونها نظرة واسعة وشاملة تغطي الحدث أو الموضوع المراد تطويره، وتحيط هذه النظرة غالباً بكل تفاصيل الموضوع وبكل وعلاقته بما حوله من المتغيرات التي تؤثر عليه، إن أسوأ ما يمكن أن يحدث عندما يراد تطوير أالتعليم هو أن يتم تطويره انطلاقاً من النظر إليه من داخله فقط، متجاهلين ما قد يحيط بالتعليم من متغيرات خارجية متعدده قد تؤثر عليه، من المهم أن يتم تطوير التعليم انطلاقاً من النظر إلى الصورة الكبرى للتعليم.
وللتوضيح نقول إن التعليم يرتبط بشبكة من المتغيرات الداخلية (عدد الطلاب، المباني، المعلمين، اللوائح المنظمة) وشبكة من المتغيرات الخارجية (ما تخصصه الدولة للتعليم من ميزانية، الجمعيات التربوية المهنية، نظم التوظيف، الجامعات وبرامج إعداد المعلمين إلخ)، وعندما تتكامل المتغيرات الخارجية المؤثرة على التعليم مع المتغيرات الداخلية تتشكل عندئذٍ الصورة الكبرى المتخيلة للتعليم التي ينطلق منها التطوير الحقيقي للتعليم.ويجب ألا تغيب هذه الصورة الكبرى عن المطور التعليمي.