سلمان بن محمد العُمري
العلاقة الزّوجية علاقة تكامُليّة، تقوم على المودة والمُسامحة، وحفظ حقوق الرّجل والمرأة، وليست علاقة نديّة أو نفعيّة، ولكل من الزوجين حقوق وواجبات مذكورة في الكتاب والسنة، ومفصلة في كتب الفقه، والعلاقة هي علاقة تكامل وتفاهم وانسجام، وينبغي فيها التنازل والتغافل والتغاضي؛ لأنها إذا تحولت إلى متابعة ومساءلة ومحاسبة؛ استحالت إلى جحيم لا يطاق، بسبب الخلاف والخصام والشجار، فينبغي للزوجين أن يتعايشا بمحبة ومودة ورحمة، والله تعالى جعل كل واحد منهما لباسا للآخر؛ لشدة التصاقهما ببعض؛ ولأن كل واحد منهما ستر للآخر {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} [البقرة: 187]، وفي آية أخرى {بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ} [النساء: 25] فالمرأة من الرجل، والرجل من المرأة.
ويجب على الزوج رعاية أسرته، والإنفاق عليها، وحمايتها وكفايتها، ويجب على الزوجة طاعة زوجها وخدمته في المعروف وحفظه في بيته، وإدارة شئونه، وعليهما جميعا أن يتسامحا ويتغافلا، ويحتمل كل واحد منهم الآخر، ويكمل نقصه، ويتغاضى عن زلته؛ ليغنما الأجر والسعادة، ويعيش أولادهما في جو من الأمن والطمأنينة، والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: «لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ» رواه مسلم.
والعلاقة الزوجية خلقت للود والراحة والتفاهم؛ ومن أمارات النضج: التجاوز عن خطأ الشريك (غير المتكرر)، والمصارحة للخطأ (المؤذي المتكرر).
من جنس هذا المعنى قوله عن العلاقة المحمدية: («عرّف» بعضه «وأعرض» عن بعض).
من أبرز أسباب الطمأنينة في الحياة الزوجية ونجاحها:
أن يرى الزوج أن زوجته معززة لكماله مكمّلة لنقصه، وأن ترى الزوجة أن زوجها معزز لكمالها مكمّل لنقصها، فإذا تحقق هذا الخُلُق في البيوت؛ استقامت واطمأنت ونفعت وانتفعت.
وقد كثرت نسب الطلاق في المجتمع، مما يفرض سؤالاً مهماً لماذا لا نقوم بتوعية للزوجات والبنات المقبلات على الزواج.. لعل البيوت تصلح وتهدأ.. ولعل البيوت الصالحة والهادئة تزداد صلاحًا وتوفيقًا، وأقول للأسف أن الأزواج المطلقين لا ينقصهم الوعي، فحوادث الطلاق لا تقتصر على فئة من محدودي الثقافة والتعليم مع الأسف، بل إنها أصبحت تكثر في هذه الفئة وفي الطبقة المتعلمة و العاملة ولربما كانت في أوساط المربين والمربيات ومن يقومون بوظائف الإعلام والتوجيه والتربية وحتى الإرشاد الأسري.
إذاً فأين تكمن المشاكل؟! وما هي الحلول؟!
إن التعرف على المشاكل وتحديدها هي أولى خطوات النجاح في علاج المشكلات، ومشكلات الطلاق اليوم لم تعد كما كانت في السابق مصدرها مشاكل البيت أو الأهل، بل للأسف البيئة المحيطة في العمل أو الأصدقاء والصديقات الذين يخببون على الأزواج، وكذلك ما تبثه وسائط التواصل الاجتماعي من تحريض على التمرد والذاتية، وما يدعونه باسم حقوق المرأة ودعوى الحريات وغيرها لتفتيت المجتمع، وبثّ الشِّقاق بين الرجال وزوجاتهم بدلًا من محاولة زرع الودّ والمحبة؛ وهو فكرٌ خبيث مغرض يستهدف الإضرار بوحدة المجتمع، وإضعاف قوته، وإفساد المرأة على زوجها وأسرتها، وإفساد الرجل على زوجته وأسرته، وتزيين الانفصال لهما؛ بتخبيب وتخريب مُنكَر ومُحرَّم؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَبَّبَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا». [أخرجه أبو داود].
وإذكاء الذاتية والنِّديّة بين الزَّوجين، وعرض الزَّواج في صورة ماديّة مُنفِّرة غير مبنية على المودة والسَكَن؛ محرم شرعاً، ومنافياً لتعاليم الدين، وفِطرة البشر، وقيم المُجتمع المُستقرة.
وأتمنى أن تتنبه الدوائر القضائية والجهات المعنية بالحقوق والشؤون الاجتماعية إلى تجريم الإفساد والتخبيب على الأزواج ووضع عقوبات رادعة لحماية المجتمع من شرورهم.