عبدالمحسن بن علي المطلق
لعل المشهد المؤلم (وآسف لاستخدام هذه المفردة)، لكني لم أجد في جعبتي ما يقوم مقام مرادي فالذي يُرى من بعض قادة الغرب في خضمّ (طوفان الأقصى) يتأكد أن مشجب الإنسانية قد وقع، أو أنه نُزع كأي قناع- متصنّع -.. حال المساس بظرف لا يستطيع طي جدوته إلا أن يكون فعله عليه شاهداً، وفي مشهد الحدث حاضراً وإلى أن بلغ أن «مستشار ألمانيا مثلاً، أنه لم يقف مؤيداً لإسرائيل، بل - أيضاً- تجشّم عناء السفر» ليرفد موقفه المعنوي بالماديّ، كمن يقول ها أنا ذا، مما يبقي السؤال للعين شاخصاً..شاحباً، لا فرق.
لمَ كل هذا؟
أي هل من سبب كافٍ يدفعه لذلك هو وبعض - لا كل- نُظرائه من قادة القارة العجوز؟
إلا أنه سريعاً ما ينجلي العجب ممن يتدبّر بآيات ربّه لمن تدبّر في آي الكتاب العزيز وهي تتحقق أمام مرأى عين كل متابع للأحداث السياسية، بخاصة وأن (الجُرح) لا زال ينزف.. أن صنيعهم هذا ما هو إلا أحد معان (ولتعلنّ علوا كبيرا)!
فيما حالنا محاكية لهذا لكن من وجهها الآخر، وهو الضُعف المُشاهد، إذ قصرت الأكفّ سوى من التضرّع للمولى أن يمددهم بمدد من عنده، وتوسّل منّا يتواصل وهو مُطرح بين يديه، أن (يا مجيب الدعاء) يا.. راحم الضعفاء.. لا تخيّب لنا مطلباً، أن أرحم -إلهي- ضعفنا، وارفع بقدرتك عن أهلنا هناك ما هم فيه..
لأتمّ / أن حالاً كهذا وقد سبق مواقف مُماثلةً ما عرّت القوم من ادعاءات إنسانية مزعومة، أو (حتى لا نُعمم) على مُجمل الوقائع، فلا تأخذ حظّها من التنفيذ عدا ما يخدم مصالحهم، أو يتّفق معها، أي وقفاً عليها، باختصار إن كان ممن يرضونهُ غضّوا الطرف عنه، وفي آية أخرى تكشط لنا عن جانب أولئك {وَإِن يَكُن لَّهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ}، فلا خجل من أُمم ترقب هذه المفارقة، فضلاً عن جلاء زيف هذا وهو مشاهد رأي العين عبر قنوات تكاد تلاحق الأحداث القذّة حذو القذّة، وكيف هم- أكرر بعضهم- يهرع أحدهم وبلا حياء ممن أحبّهم لما لديهم من وفير صّفة الإنسانية التي يكاد نوعية من بني جلدتنا يوقفها بعصرنا عليهم، حتى تجد بعضهم وبمواقف يقول بملء شدقيه (..القوم هناك).
ثم كيف هم يتنازلون عنها بجرّة قلم، أقصد لأدنى خطبٍ يكن بإحدى كفّتيه مدلّلتهم هذه الـ.. إسرائيل؟
ومن هنا يأتي سؤال يتلجلج داخل كل من صدّق أو صادق داخله ممن كان يوماً يُلبس إنسانيتهم لباساً فضفاضاً، نعم قد تكون تولّدت لديه مواقف ما أبلاهم به فوجدهُ حسناً من إحسانهم.. مما لمسها، فهي (حتى لا نظلم) تتواجد لكنها بمثل ما نعيشه اليوم من حدث هذا الـ(طوفان) إلا وتبدي عما يجرّحها، إنسانيتهم أعني تحديداً إذ.. وبقدرة قادر تختفي أمام أعين تحملق بحثاً لهم عن دواعي ما عليها من المتابع لها رقيباً/تعجّباً، وكيف ستجيب على «مفارقة» لم تعد تخفى و لا على المحسوبين ممن همُ من ذات القوم، وتحديداً بالجملة الأخيرة..كم من حيرة نجدها في منصف بينهم وقد خرج مؤازراً الفلسطينيين من بعد أن أخرجه عن طوره جراء مفارقة تجلّت بين دعوى وادعاء للأذهان مُشاهدةً.
فها هو منادياً، ولكنّ صوته المسكين ضائع في صدى الغلبة، وجلبة إعلامهم..
لن أقول لماذا أو أستعطف أو أرسل معتبات هنّ في الجوف تتحجّر، لأن جوابها قريب المنال لمن وعى التاريخ، و(خلفيات) هي بالأمس بين أعينهم تجلّي له أسباب صنيعهم..
لكن عتبي ( إن حُق لي أن أُبديه).. على من لازال يرجو منهم إنصافاً، أو حتى بقايا إنسانية بالذات إن كان وكما أسلفت المقابل (ضد) ربيبتهم المدلّلة..
وياليت هذه النوعية من بني قومي تفيق وتدع عنها مثاليات قشورية.. وجدها بيوم سنحت له دنياه أن يقطن بينهم فترةً، ليأتي وينظّر علينا، وكأنه لا يدري أننا -نحن- من كتاب ارتشفنا ومن مهدنا بإذن الله للِحدنا قول الحق وهو الحق الذي لا ولن نحيد عن وعيه {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ}..همُ {الْيَهُودَ} لا سواهم.
نقطة أول السطر
وهنا يلزم أن أكرر هذه - المعلومة- عساها تستقرّ بأذهان بعضهم التي للأسف مثل أحلام العصافير/ وإن أتى أولئك ليقنعونا بخيلهم ورجلهم..