لقد أثبت الطب الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أرشد لقواعد حفظ الصحة بالاحتراز من عدوى الأوبئة والأمراض المعدية، فقد روي عنه أنه قال: (لا يورد ممرض على مصح)، وقال - صلى الله عليه وسلم -: (غطوا الإناء وأوكئوا السقاء فإن في السنة ليلة ينزل فيها وباء لا يمر بإناء ليس عليه غطاء أو سقاء ليس عليه وكاء إلا نزل فيه من هذا الوباء) رواه مسلم، ومعنى هذا الحديث أن هناك أوبئة موسمية لها أوقات معينة وهذه الأوبئة يمكن أن تنتقل بواسطة الهواء، ومن المعروف حالياً أن بعض الأمراض تكثر في فصل الشتاء، وبعضها الآخر في الصيف وهكذا.
وهناك العديد من الأحاديث الأخرى التي تحث على اتقاء المرض التي تحض على الابتعاد عن مصدر العدوى، كقوله - صلى الله عليه وسلم -: (فر من المجذوم كما تفر من الأسد)، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوها وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها)، فهذه الأحاديث تدل دلالة قاطعة على أن العدوى ممكنة إلا أن الأشياء لا تعدي بطبيعتها وإنما تقع العدوى - بإذن الله - وقدرته وهذا ما يوضحه قوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا عدوى ولا طيرة) وهذا مشابه للنار التي لا تحرق إلا بإذنه ومثالها حين جعل الله النار برداً وسلاماً على إبراهيم، وهذا كله ليبين الله أنه هو الذي يمرض ويشفي وأن هذا من الأسباب التي أجرى الله العادة بأنها تفضي إلى مسبباتها.
وفي هذه المناسبة لا بد من تنبيه الذين يقرؤون النصوص بشكل خاطئ ويقولون {قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا} وهذا صحيح بلا شك فكل شيء بمشيئته ومع ذلك فلا بد من الاحتراز والأخذ بالأسباب مثل «اعقلها وتوكل» والأحاديث صريحة وواضحة.
ولا بد من الإشارة إلى انتشار الأوبئة وشيوع الإيدز وغيره من الأمراض المعدية التي تنتقل عن طريق العلاقات غير الشرعية، وليس غريباً أن نكتشف بعض حالات الإيدز من خلال فحوصات ما قبل الزواج عند من ضعفت نفوسهم ووقعوا في المحرمات على الرغم من تمنياتنا باستئصال هذا المرض وغيره من الأمراض المشابهة، ويساعدنا في ذلك تمسكنا بديننا الذي يشكل درع الوقاية لمثل هذه الأمراض التي انتشرت كالنار في الهشيم في معظم بقاع الأرض.
وإنني أرحب بفكرة توسيع دائرة الوقاية فيما يخص الأمراض المعدية والوراثية وربطها بفحوصات ما قبل الزواج.