خالد بن حمد المالك
الملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان يسيران في سياساتهما على ما أسسه الملك عبدالعزيز، دعماً للقضية الفلسطينية، ودفاعاً عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، لا يسترضيان بها أحداً، ولا يتكسبان بها كما يفعل البعض، بل ويتحملان رغم موقفهما الداعم، إنكار الجميل, وتجاهل الحقيقة، وتصوير الموقف السعودي بعيداً عن الواقع، دون أن تتخلى هذه البلاد عن مسؤوليتها في الدفع بالقضية إلى ما يعزز قوتها، وعزم شعبها، وتحقيق مشروع الدولة الفلسطينية القادم -إن شاء الله-.
* *
وامتداداً لهذا، ها هو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ينوب عن الملك سلمان برئاسة وفد المملكة في حضور الاجتماع الافتراضي الاستثنائي لقادة مجموعة (بريكس)، وقادة الدول المدعوة للانضمام إلى المجموعة بشأن تدهور الأوضاع في غزة، ويلقي كلمة ضافية وصريحة في هذه القمة، حول ما يجري من عدوان سافر على أراضي وشعب غزة، وموقف المملكة من هذه المجزرة التي تقوم بها إسرائيل، دون وجود أي تدخل دولي لإيقاف هذه المعارك الضارية، رافضاً سموه في كلمته التهجير القسري للفلسطينيين في غزة ، مؤكدا ضرورة توفير ممرات إنسانية، مع وقف جميع الدول تصدير الأسلحة لإسرائيل، ومطالبته بإطلاق عملية سلام جادة وشاملة لحل القضية الفلسطينية.
* *
ومشاركة المملكة في هذه القمة تأتي من كونها إحدى الدول المدعوة للانضمام للمجموعة، وكدولة صديقة لدولة الرئاسة (جنوب أفريقيا)، والتي قبل انعقاد هذا الاجتماع كانت قد نددت بهذا العدوان، وطلبت من محكمة الجنايات الدولية التعامل مع أفعال إسرائيل في قتل المدنيين الأبرياء، على أنها إبادة جماعية وجرائم حرب، وبوصف المملكة -أيضاً- الرئيس الحالي للقمتين العربية والإسلامية، وما يمليه على قادتها من مسؤولية في التصدي لعدوان إسرائيل على المدنيين الفلسطينيين في غزة، فهي تشارك في هذه القمة.
* *
ولا أحتاج إلى التذكير بما دأبت عليه المملكة من استشعار لدورها القيادي على المستويات؛ العربي والإسلامي والدولي، في تعاملها مع الأزمات في المنطقة، وعلى رأسها الأزمة الفلسطينية، وكانت آخر مبادراتها في هذا الشأن، دعوتها لعقد القمة العربية الإسلامية المشتركة غير العادية، واستضافة أعمالها في الرياض؛ بهدف الخروج بموقف جماعي موحد، يعبر عن الإرادة العربية الإسلامية المشتركة حيال التطورات غير المسبوقة التي تشهدها غزة.
**
ومشاركة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان في هذه القمة، وحديث سموه عن تدهور الأوضاع في غزة، ودعوته الدول كافة لنبذ ازدواجية المعايير في التعاطي مع القضية الفلسطينية، وتأكيده على أهمية بذل الجهد في سبيل إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني الشقيق، وفق الثوابت، والمرجعيات الدولية، وبمبادرة السلام العربية، كلها تأتي لتأكيد المؤكد على الموقف الثابت والمعلن في تعاطي المملكة مع القضية الفلسطينية.
* *
وكما هو معروف، فقد أدانت المملكة هجومها البري على غزة، وأكدت منذ اليوم الأول، ضرورة كسر الحصار على غزة، وفرض إدخال قوافل المساعدات الإنسانية، ونددت بالمحاولات والممارسات التي هدفها تهجير الفلسطينيين من غزة قسرياً، ودعت إلى إيقاف الحرب فوراً، والتوجه نحو خيار حل الدولتين، وفق المرجعيات والقرارات ذات الصلة بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، وهو ما أكده ولي العهد في كلمته في المؤتمر.
* *
إن مشاركة سمو ولي العهد في هذه القمة تعني -فيما تعنيه- تعزيز دعوة مجلس الأمن والأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان لمواجهة هذا العدوان من خلال الشرعية الدولية، متناغماً ذلك مع ما أكدته المملكة مراراً برفضها وإدانتها لسياسة العقاب الجماعي التي تنتهجها إسرائيل على المدنيين، وعدم التزامها الأعراف الدولية، وقواعد الاشتباك المتعارف عليها في الحروب، وشنها هجمات تستهدف المدنيين العزّل، في مخالفة صارخة للقانون الدولي.
* *
وليس من باب المنّ أن نقول إن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، يوليان بالغ اهتمامهما للوضع الإنساني للشعب الفلسطيني، ويحرصان على رفع المعاناة عن المدنيين، ويبذلان جهدهما وكل ما من شأنه تخفيف التداعيات المأساوية التي يعانيها سكان غزة، وضمن هذا الاهتمام كانت دعوتهما لإطلاق الحملة الشعبية لإغاثة الشعب الفلسطيني في غزة، وتسيير الطائرات جواً، والبواخر بحراً، لنقل المؤن الغذائية والأدوية إلى المدنيين في غزة.
* *
على أن الاهتمام السعودي بالحالة التي يمر بها قطاع غزة يتواصل من خلال رئاسة سمو وزير الخارجية لوفد من وزراء خارجية عدد من الدول الإسلامية والعربية في جولة زيارات للدول الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن؛ بهدف المطالبة بوقف فوري لإطلاق النار، وفك الحصار، وإيصال المساعدات الإنسانية، والالتزام بالقانون الدولي الإنساني.
* *
وهكذا هي المملكة، موقف ثابت، وتصميم لا يلين، وإرادة صلبة، ومتابعة لا تتوقف، ودعم مستمر، وسياسة المملكة لا تتغير، ففلسطين وشعب فلسطين في القلب، والدولة الفلسطينية هدف لا تنازل عنه، ولا تراجع عن المطالبة بها، تعلمنا ذلك من عبدالعزيز، وتلك أمانة لا تفريط فيها، أو التنازل عنها، وهذا هو الموقف الثابت للملك سلمان بن عبدالعزيز والأمير محمد بن سلمان.