عمر إبراهيم الرشيد
يقول الكاتب المصري الراحل أنيس منصور إنه كان يقرأ أي كتاب يقع بين يديه، وفي كل شيء تقريباً، وهو الكاتب الموسوعي والذي كان يجيد سبع لغات. ويسألني كثيرون ممن أنصحهم بمصاحبة الكتاب عمّ يقرأون أو ماذا ينبغي أن يقرأوه من الكتب. وجوابي لهم بأن يقرأوا مايستهويهم في البداية، بل إنه ينصح بقراءة قصص وكتب النشء لكونها قصيرة وبلغة سهلة ولاحتوائها على رسومات جذابة للعين ومحركة للمشاعر، وربما يجد البعض تحرجاً أو استخفافاً لهذة الفكرة، ولكن لاعيب في العلم وكل مايرتقي بالفكر والذوق الإنساني. وأنصحهم أو أوجه من يسألني عن الكتب السهلة أو المختصرة والمفيدة بذات الوقت، ومنها تلك المتعلقة بالتحفيز وتنمية الفكر وترسيخ القيم الإنسانية والتي يعلي من شأنها ويدعو لها الإسلام. ومن أروع الأمثلة كتاب (موسوعة القصص النفسية) للكاتبة المتخصصة في علم النفس منى الحمدان، والعنوان يوحي بأن الكتاب يحوي قصصاً عن حالات وعلل نفسية، ولكنه يحوي قصصاً إنسانية قصيرة من كافة المجتمعات ومبينة لتباين العقليات واختلاف الطباع وحالات النفس البشرية، بين قناعة وجشع، ووفاء وغدر، وشجاعة وخور، وجهل وعلم.. وغيرها من حالات وطبائع النفس البشرية. وكل قصة بمعدل صفحة ونصف وهو مايقدم للقارئ المبتدئ ومن يروم مصاحبة الكتاب بداية سهلة وخفيفة يستطيع معها التوقف ثم الاستئناف متى شاء، برغم تأكيدي بأن ترك مثل هذا الكتاب صعب نظراً لسهولة اللغة وبساطة الأسلوب مع عمق الفكرة والمعنى والبعد عن الإسهاب والاختصار غير المخل.
أما اختلاق عذر قلة الوقت للقراءة وهو العذر الواهي بالطبع، فالمؤكد أن الغالبية يجدون الوقت لتصفح هواتفهم ومنصات الإعلام الاجتماعي، ويجدون الوقت للعب الإلكتروني، ومتابعة المباريات الكروية وغيرها، ولابأس في ذلك فكلٌّ يبحث عما يسليه ويجلب له المتعة، ولكن أن تهدر الساعات الطوال مع هذه الهوايات أو الممارسات، حتى أن بعضهم يسهو عن الصلاة المكتوبة، فهذا في رأيي هدر للنفس والصحة البدنية والنفسية. فلو اقتطع أحدهم ولو نصف ساعة لقراءة كتاب مفيد يرتقي بالنفس والفكر لكان الوعي لدينا والثقافة الحقيقية في كل الميادين غير ماهما عليه الآن، وأعظم الكتب وأجلها كلام الله عز في علاه، إلى اللقاء.