م. بدر بن ناصر الحمدان
مَنْ عاصر الرياض خلال الخمسين سنة الماضية وتعايش معها، يمكنه أن يُعبِّر عن علاقته بهذه المدينة وتحولاتها العمرانية التي ظهرت على هيئة عناوين رئيسة في ميثاق الملك سلمان العمراني، وما حمله من قيم مكانية شكَّلها تفاعل «إنسان الرياض» مع محيطه الذي كان يعيش فيه وأسهم في بنائه ثقافياً واجتماعياً وعمرانياً.
كانت تنبؤات المخطط الرئيس لمدينة الرياض (1968 - 1972م) تشير إلى أن الرياض سوف تستوعب 1.4 مليون نسمة بحلول عام 2001م على مساحة قدرها 304 كم2، واليوم المدينة العاصمة تتجاوز 7 ملايين نسمة وبمساحة تُقدَّر بـ1785كم2.
مثل هذا التحول النوعي والكمي في نموذج التنمية العمرانية لمدينة الرياض كان كفيلاً بأن يحدث خللاً في تركيبتها العمرانية وفقدان توازن النمو القطاعي في المدينة إلا أن الرياض ورغم ذلك استطاعت التحكم بإدارتها المكانية والسيطرة عليها نتيجة القرارات التخطيطية الملائمة للإدارة الحضرية التي اتخذت لتوجيه وضبط وترشيد النمو العمراني للمدينة مما قلل من مستوى التدهور العمراني، بل أسهم في قيادتها لمستقبل متطور ومتميز نتيجة ثبات الرؤية المستقبلية الشاملة لإدارتها؛ وأتاح للمدينة أن تخوض تجربة ثرية وفريدة من نوعها على مستوى العالم في أسلوب مواجهة التحديات وإدارة الانفجار السكاني إدارة منطقية وجادة، وأسهم في جعل الرياض من أقل المدن التي تحوي مناطق عشوائية أو تلك التي تحتضن مدن الصفيح على أطرافها.
البعد العمراني في ميثاق الملك سلمان، رصد أبرز الملامح المبنية التي عبَّرت عن هذا التحول التنموي الذي حدث في النصف القرن الماضي ومراحل تشكيل النمو وخطها الزمني والتي كان من أهمها المشاريع المعمارية والعمرانية التي رسمت خارطتها المكانية.
إنسان الرياض عليه أن يكون فخوراً بمدينته، ومعتزاً بها وبروادها، ولأنه عاصر حقبة سلمان العمرانية وكان جزءًا من تفاصيلها وأحد صنّاعها، العودة إلى ميثاق الملك سلمان العمرانية ستمّكنه من قراءة ما حدث في إصدار واحد.