د. محمد عبدالله الخازم
باشرت السفيرة آمال المعلمي عملها كسفيرة لحكومة خادم الحرمين الشريفين في كندا، بعد فجوة في العلاقات بين البلدين استمرت بضع سنوات. سعادتها ليست حديثة عهد بالعمل الدبلوماسي فقد كانت سفيرتنا في دولة أخرى لا تقل أهمية عن كندا. بالتأكيد، المهمة الأولى تكمن في ترميم العلاقات والمساهمة في إعادة الثقة بين البلدين على مختلف الصعد. المملكة وكندا تشتركان في كونهما ضمن دول العشرين وضمن الاقتصاديات الكبرى في العالم، كما تشتركان في كون البترول مصدراً مهماً لكلاهما، وعمرهما المتقارب (120-160 سنة) وسكانهما المتقارب كذلك (30 - 40 مليون نسمة) مع وجود اختلافات في الحجم الجغرافي وطبيعة الأنظمة السياسية والاقتصادية.
نظام كندا يعد ديموقراطيا اجتماعيا، أقرب لنظام المملكة المتحدة وأغلبية دول الكومنولث. حيشها دفاعي، لا يشارك في الحروب، وتكثر مشاركة كندا في مهام السلام العالمية. تكرر الحكومات الكندية اهتمامها بحقوق الإنسان، رغم أن لديهم تاريخا غير جيد في هذا المجال من خلال تعاملهم القاسي مع السكان الأصليين.
كندا لديها صناعات عديدة لكن قليل تنفرد بها كمنتج مستقل. مثلاً، تصنع نحو 14 سيارة لا يوجد واحدة منها كندية كاملة وإنما هي فروع مصانع سيارات أجنبية، وتصنع أسلحة دفاعية بالمشاركة في الولايات المتحدة ولديها مشاركة في صناعة الطائرات، إلخ. حتى في السينما، لديها جزء مهم في هذا الجانب لكنها مكملة في الأغلب لصناعة الأفلام الأمريكية. المنتج الكندي الأهم هو الأخشاب وبعض المنتجات الزراعية أو التعدينية، كما تشتهر بواحدة من أطول وأقدم السكك الحديدية في العالم. كذلك، تهتم بقضايا البيئة والمناخ.
التعليم في كندا، بالذات العالي يعد أحد النماذج المتقدمة عالمياً، يحكمه أنظمة حكومية وغير حكومية متعددة. التدريب الطبي، هو الذي تعرفنا عليه كثيراً وقد وصل عدد الأطباء السعوديين المتدربين في كندا في أفضل مراحلة (2015 - 2017) نحو ألف طبيب. يتوقع عودة وزيادة الأعداد مع تجدد العلاقات وتراجع التدريب الطبي السعودي في الولايات المتحدة.
لا يوجد جالية سعودية كبرى في كندا باستثناء الطلاب والمتدربين (نحو ألف طالب وطبيب) لذلك تعد إدارة شؤون السعوديين سهلة مقارنة بالمهام القنصلية. يوجد جالية مسلمة وعربية كبرى، تتجاوز المليون نسمة واللغة العربية تعد الثانية في العاصمة، أوتاوا. كما يوجد العديد من الأقسام العلمية في الجامعات الكندية تعنى بالدراسات الشرقية والعربية، لم تحظ بما يجب من اهتمامنا الأكاديمي والثقافي. وتضم كبينة الوزراء الكندية وزيرا أو وزيرين على الأقل من أصول عربية وإسلامية، ضمن التوازن المعتاد في تشكيلة مجلس الوزراء.
يحتل العمل الأهلي مكانة كبيرة في كندا، حيث تقدر عدد المنظمات/ المؤسسات الأهلية (الخيرية والتعاونية وغير الربحية) بنحو 86 ألف منظمة، وتضم عدداً من مراكز التفكير مثل مركز (فريزر) المعني بإصدار التصنيف العالمي الشهير، تقرير الحريات الاقتصادية. للأسف لا يوجد مراكز تفكير/ منظمات عربية كندية مستقلة وقوية، مقارنة بتلك التي تعود أصول مؤسسيها لدول أخرى. المنظمات المستقلة تلعب دوراً مهماً في الحياة والسياسة الكندية وغياب/ تواضع العربي منها مؤسف، كما هو مؤسف حال العمل الثقافي العربي في كندا!
توجد في كندا، مثل غيرها، فئات لها مصالحها تجوب سفارات الدول العربية لتوهمها بأنها الأقرب والأعرف بأحوالها واحتياجاتها. الدبلوماسي الحصيف يعرف هؤلاء وكيفية التعامل معهم، دون أن يسمح لهم بتشكيل حاجب بينه وبين قوى ذات فاعلية وأهمية أكبر في المجتمع الذي يعمل فيه.
تمنياتنا لسعادة السفيرة المعلمي بالتوفيق والسداد.