د. معراج أحمد معراج الندوي
الضمير هو تلك المشاعر والأحاسيس والمبادئ والقيم التي تحكم الإنسان،كما أنه ميزان الحسن والوعي للتمييز بين الصواب والخطأ، الضمير هو شمعة في كل قلب إنسان، هو شعاع من نور يتلألأ في أعماق النفس الإنسانية، الضمير هو نور الذكاء لتمييز الخير من الشر، الضمير هو مشاعر في نفوس البشرية جمعاء ، تهتدي إلى مبادئ الأخلاق بعفوية وتلقائية وتقف إلى جانب المظلومين.
الضمير إن حضر في مواقف قول كلمة حق ونصرة مظلوم قام بذلك، وكان بقدر حضوره وموقفه أثبت أن هذا الإنسان صاحب ضمير حي لا يغره بريق من بعيد، ولا يربكه تهديد من قريب. الضمير يعني الأخلاق وهي أهم ما يميز شخصية الإنسان، إن سكنت شخصيته مكنته من تمييز الخير من الشر وأرشدته إلى العدل عن الظلم، وبينت له طريق الفضيلة عن الرذيلة.
إنّ ما تعانيه غزة اليوم من انتشار القتل هو بسبب سكوت العالم على جريمة الاحتلال الإسرائيلي وعلى الإبادة الجماعية في فلسطين. يشاهد العالم ويتجاهل قتل الأطفال الأبرياء، ولا يتكلم إلا القليل من الناس المسالمون الذين يؤمنون بالإنسانية.
لقد مات أكثر من ستة آلاف طفل في قطاع غزة، بداية من الأطفال الرضع وحتى الأطفال ذوي 16 عاماً وأكبر، فكل يوم تمتلئ منصات التواصل الاجتماعي بفيديوهات وصور لقصف جيش الاحتلال الإسرائيلي على غزة، والتي تودي بحياة الأطفال الصغار.
أليس من العجيب أن العالم يحتفل لكل شيء يوما عالميا، فيذكرون بعضهم بتلك الفضيلة، أوذاك السلوك، اليوم العالمي للمرأة اليوم العالمي لمكافحة كذا وكذا حتى اليوم العالمي لغسل الأيدي، ولم يتبق غير اليوم العالمي للضمير الإنساني.
لم يستيقظ العالم والضمير الإنساني على الإبادة الجماعية في غزة، والضمير الذي يجعل الإنسان يتوقف عن قتل أخيه الإنسان في كوكب الأرض، ذلك الضمير الإنساني الذي نحتاج لأن يصحو من سباته العميق لتمتد يداه بلمسة حانية إلى كل المشردين في أنحاء هذا العالم.
أليس العالم في أمس الحاجة إلى عودة الضمير الإنساني الذي لا يفرق فيه الإنسان بينه، وبين أخيه الإنسان لأي سبب كان سواء لونا أو جنسا أو مذهبا أو عقيدة، أو أي شيء اخترعه الإنسان ليفرق بينه وبين أخيه الإنسان عندما غاب الضمير.
الضمير أمانة إن وجدتها في إنسان وجدت الخير وأن الدنيا لايزال فيها الخير، ولكن حين يموت الضمير تموت معهُ الكثير من الأشياء، ويصبح معها الإنسان مُجرد هيكل جامد، لا روح فيه ولا إنسانية..
حين يموت الضمير تُباع الأوطان، لا يوجد فيها نظام ولا قانون، ويتاجر بها الصغير قبل الكبير، تُباع فيها الأعراض، ويصبح الدم كالماء، لا حسيب لهم ولا رقيب.. حين يموت الضمير نجد مغادرة الطيور وأصواتها، وما نسمع سوى نعيق الغراب ليل نهار.. حين يموت الضمير تجد الحيوان أفضل من الإنسان بكثير.
** **
الأستاذ المساعد، قسم اللغة العربية وآدابها - جامعة عالية،كولكاتا - الهند