ما إن ظهرت تشكيلة المنتخب حتى بدأ الشارع الرياضي أجمع بطرح تساؤلاته لمدرب المنتخب حول تلك الخيارات واستبعاد أسماء كان الأغلب يرى بأن مكانها في التشكيلة الأساسية للمنتخب، وتساؤلات أخرى في معظمها منطقية سواءً اتفقنا معها أم اختلفنا، عدا بعض الأطروحات التي استمعنا إليها في الأيام السابقة من خلال بعض البرامج الرياضية عبر ضيوفها. ومن هنا أود أن أستغل هذه الفرصة للحديث عن هؤلاء والإثراء المعرفي الذي يقدمونه للشارع الرياضي، وأبدأ حديثي بسؤال للقائمين عن تلك البرامج: هل هناك قائمة موحدة لإعلاميين لابد أن يتم اختيار ضيوفكم من خلال هذه القائمة حتى يُعاقب المتلقي الرياضي بالاستماع إلى أصحاب تلك الآراء؟! ألا تؤمنون بأن لكل زمانٍ دولة ورجال، أم أنكم تأخذون بمقولة «قديمك نديمك»؟
من الذي أشار عليكم بأن من الشروط الرئيسة لإنضمام أي ناقد للبرامج هو أن يكون يعمل في الإعلام لأكثر من 30 سنة ويُشترط ألا يتابع أي مباراة لغير فريقه بالإضافة إلى مباريات خصمه (لتتبع عثراته)، أو يكون الضيف قد مارس اللعبة ليكون البرنامج قد حقق بذلك معايير اختيار نقاده؟، ألا ترون بأن الكثير من هذين الفئتين هم أكثر من بثوا سموم التعصب والجهل والكوميديا أحياناً في برامجنا الرياضية؟ وأنا هنا أتكلم عن البعض وقطعاً لا أعني الكل، وهذه ظاهرة عالمية، وانظروا لمن يتصدر المشهد في الدوري الإنجليزي على سبيل المثال من لاعبين سابقين واستمتعوا بآرائهم الكارثية لتعلموا بأن تجربة الملاعب لا تجعلك الناقد الأفضل والأكثر إثراءً للمتلقي، والدليل لما أقول انظروا لمن يتسيّد المشهد في برامج التواصل الاجتماعي من مؤثرين رياضيين يقدمون أطروحات تُحترم، وعدد متابعيهم يتجاوزوا مشاهدي تلك البرامج بعشرات الأضعاف، ومع ذلك ليسوا بلاعبين سابقين ولم يتولوا منصبًا إداريًا أو كان أحدهم في الإعلام منذ 30 سنة، ما عملوه هو أنهم تعبوا على أنفسهم واجتهدوا وقرأوا وتعلموا فحصلوا على الشهادات، وليس بالضرورة أن تتفق مع كل ما يقولون ولكن الضرورة التي ألزموا أنفسهم بها أنهم احترموا عقولنا قبل طرح أي رأي، استمع إلى ذاك الرأي الذي ينتقد اختيارات مانشيني ليعرج على إصابة سالم واستبعاده بأسلوب يملؤه التشكيك، ويستغرب كيف أصيب سالم من مباراة التعاون وهو الذي لعب المباراة كاملة، وكأن هذا الإعلامي المخضرم لا يعرف بأن هناك مخدّرًا يوضع على مكان إصابة اللاعبين أثناء المباراة ولا يعرف بأن هناك المئات من الحالات التي نشاهد بها اللاعب يتحامل على إصابته لإكمال المباراة، كل هذا لاعتقاده بأن سالم وبعد هذه المسيرة أبعد نفسه أو أبعدته إدارة ناديه، أو اتهم ما شئت لقرب مباراة فريقه من أمام النصر، وكأنما سالم لم يلعب مباريات الديربي من قبل، وكأن هذه المباراة بالنسبة لسالم أو لناديه أو حتى للنصر مباراة حياة أو موت وليست مباراة دورية بالدور الأول في سياقها الطبيعي لا تتجاوز الثلاث نقاط! وقس عليها أمثلة كثيرة لإصابات اللاعبين بشكل عام أو استبعادهم لأسباب فنية أو انضباطية أو غيره لتخرج علينا مثل تلك التحليلات العجيبة، والمحروم -للأسف- هو المتلقي الذي يتابع تلك البرامج بحثاً عن الإثراء الرياضي المعرفي ولكن للأسف لا يجدها.
رسالتي: جميع اللاعبين في المنتخب وإن كانوا يقدمون مستويات متذبذبة إلا أن ولاءهم للشعار ليس له حد، فإن كان أحد يرى بأن هناك لاعبًا متخاذلاً عن أداء مهمته الوطنية لأجل ناديه فهو تشكيك غير مقبول لولاء ذلك اللاعب، فلست في موضع أن تمنح الوطنية وتنزعها عمَّن تريد، فلست سعودياً أكثر منهم ولن تحب المنتخب أكثر منهم!
** **
- محمد العويفير
@owiffeer