سهوب بغدادي
«أنت اتغيرت» «اتغيرتي من يوم...» «أخاف تتغير علينا» جمل نسمعها وتترد في مواقف عديدة ولكن معروفة وغالبًا تكون في مراحل تغيير أو مفصلية، بالنسبة للشخص المتغير، فهذه الصديقة تغيرت علينا عندما تزوجت، وهذا الرفيق اختلف شعوره عندما أخذته بلاد الغربة، وهذا الابن لم أعد أعرفه بمجرد اتخاذه قرارات لم يستشرني فيها، وقس على ذلك، لقد اعتدنا الأشياء والأشخاص والأماكن، وبعضنا يحب الروتين بما في ذلك الأشخاص والأحباب، فما السيكولوجية الدفينة وراء الخوف من التغيير؟ وإن كان التغيير على الصعيد الشخصي أو للغير، فأغلب الظن أن رد الفعل الأول لأي إحساس بالتغيير هو عدم الدعم والرفض أو التردد على الأقل، ومثال بسيط على هذا الأمر، عند ذهابك إلى مطعمك المفضل، قد تتردد في تغيير طلبك المعهود خوفًا من الطلب الجديد «المجهول» الذي قد يكون غير جيد أو لا يعطيني ذات الرضا كالطبق الأساس فتشعر عندها بخيبة الأمل والخسران، إذن، سيكولوجية التغيير محكومة بالمخاوف في بادئ الأمر، من ثم التكهنات اللاحقة من عدم موافقة التغيير لما اعتدت عليه ولآمالي المعلقة عليه آنفًا، أيضًا يلعب جانب المشاعر الداخلية المنوطة بالشيء مسبقًا دورًا كبيرًا أثناء الإقدام على التغيير أو تقبله، حيث يرفض الأب وظيفة ابنه في إحدى الدول البعيدة مخافة أن يتغير ابنه ويعود ويرى ذات الملامح ولكنها غطاء لشخص آخر، فنحن نخاف على أنفسنا أولاً من تغير مشاعرنا الجميلة والحب الذي نحمله للشخص الذي يقترح التغيير، نخاف منه عليه، وعليه منا، وأن نفقد ذاك الشعور والذكرى المرتبطة به، لذا نرفض داخليًا وتتبعه مشاعرنا وتصرفاتنا خارجيًا، فعندما يعمد الشخص إلى التغيير فكنأها دعوة لقتل الشخص المعهود من ذاكرة محبيه بجميع مزاياه وخصائصه، نتيجة لذلك، قد يعمد البعض إلى مقاطعة الشخص المتغير ليستبق الألم الذي يظن أنه قادم لا محالة خلال الفترة المقبلة، ولكن لا تنس أنّ الجميع وبدون شعور يتغيرون إما مع الأيام أو المواقف لا محالة، إلا أن من حولك يتكيّف ويتأقلم ويواري ويداري، والأهم من ذلك أن التغير لا يعني بالضرورة الأسوأ، ففي بعض الأحيان يكون التغيير لازمًا وينتشل صاحبه وغيره من الظلمات.. في ختام الكلام، جوهر الإنسان يبقى وإن تغيرت هيئته وشكله ولمعته.