مها محمد الشريف
العالم دخل مرحلة تغيير غير مسبوقة مع ثورة الاتصالات وتصدر الإعلام الجديد المشهد الدولي، لكن اللافت أن هذه التطبيقات بدأت تأخذ منحى يدعو للاستغراب حول حقيقة دورها في اختراق المجتمعات والتحكم من خلال برمجياتها بما ينشر وما يتم فلترته وحذفه وما يروج له بشكل كبير، فقد اشتكى الكثير من حذف أي مقطع أو منشور يتناول قضية ما بينما من يسيء لدول معينة لا يتم حذف منشوره وهو ما دعا جمهور وسائل التواصل لمقاطعة العديد من هذه التطبيقات بين فترة وأخرى.
وكان آخرها الحملة الشعبية لمقاطعة «التك توك» والتي سارعت الشركة المالكة له بإصدار بيان ينفي التهم عنها، لكن لم يكن مقنعاً، وأثبت بعض مستخدمي التطبيق بالأدلة أنه يحذف أي منشور يعد داعماً للتنمية والتطورات المذهلة في السعودية وهو ما يطرح التساؤل حول احتمال أن تكون بعض تطبيقات وسائل التواصل لها ارتباطات بأجندة سياسية، فالرئيس الأمريكي السابق ترمب واجه إقفالا لحساباته على تويتر وفيسبوك وذلك لمنع وصول صوته لجمهوره في فترة الانتخابات التي خسرها.
وهو ما أثار موجة استياء كبيرة ضد هذه التطبيقات، وأنها تدعي حرية التعبير وتطبق سياسات مختلفة عما تدعيه، ولذلك كان لإخفاء ما يكتبه السعودي ونشر ما يقال ضده في الفترة الأخيرة في «التك توك» ردة فعل سلبية خصوصا انه التطبيق الأوسع انتشاراً وتستفيد الشركة من السوق السعودي كثيرا خصوصا الإعلانات وإيرادات من المستخدمين النشطين، على الرغم من أن مواقع التواصل الاجتماعي يمكن أن تكون مؤثرة في نقل التغيير في العالم ثقافيا وفكريا بل وحتى سياسيا، الا أنها تلعب دورها بشكل مثير للشك أحيانا في من تخدم من خلال سياسات النشر لديها الانتقائية، لذلك يمكن قياس الكفاءة بالبصيرة النافذة، والذكاء في استخدام الأدوات المادية والحدس في استخلاص النتائج.
ويظل مفهوم وسائل التواصل الاجتماعي مثيرا للجدل؛ نظرًا لتداخل الآراء والاتجاهات في دراسته بعد أن عكس هذا المفهوم التطور التقني الذي طرأ على استخدام التكنولوجيا، فليس هناك قاعدة عامة للاختيار لتنوع الظروف وتشعب المواقف، وكل ما يمكن استخدامه من قبل الأفراد والجماعات على الشبكة العنكبوتية العملاقة، تقنيات مختلفة تطال مختلف جوانب الحياة، لم تكن السياسة بمنأى عنها. بهذا الصدد ظلت السوشيال ميديا قوة لها مميزات وتهديدات تفوق الخيال.
فكلنا رأينا قدرة هذه الوسائل الرقمية خاصة مواقع التواصل الاجتماعي على تحويل الجريمة من حالة فردية خاصة إلى ظاهرة اجتماعية عامة، وكيف أصبحت بمثابة طاعون يصيب الأمم، بل أصبحت قوة في السياسة ولاعبا أساسيا في حروب المعلومات واستخدامها كأداة للسيطرة للاختراق والتخريب والتدمير، بل باتت أدوات متقدمة في الحروب، وهذا ما انكشف جليا في الحرب الروسية الأوكرانية ودورها الخطير في هذا الحرب على كافة الأصعدة، وغايات سياسية تقوم عليها وسائل الإعلام العالمية.