عثمان بن حمد أباالخيل
وسائل التواصل الاجتماعي بكل أشكالها وألوانها، الاستراحات المنتشرة بكافة مناطق المملكة وحفلات الزواج وربما الطلاق والملاعب الرياضية تغُص بشريحة لا بأس بها من البشر الذين يكذبون ويمدحون الكذّاب ويزينون الكذب حتى تعتقد أن الكذب جائز. لنْ أكتب عن الكذب من ناحية دينية فهذا واضح وضوح الشمس في منتصف النهار ولست أهلا لذلك عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلّم، قال: «إنَّ الصدق يهدي إلى البرِّ، وإنَّ البرَّ يهدي إلى الجنة، وإنَّ الرجل ليصدق حتى يكون صِدِّيقًا، وإنَّ الكذب يهدي إلى الفجور، وإنَّ الفجور يهدي إلى النار، وإنَّ الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذَّابًا». رواه البخاري.
الصدق ضدُّ الكذب، صَدَقَ يَصْدُقُ صَدْقًا وصِدْقًا وتصديقا، وصَدَّقه: قَبِل قولَه، وصدَقَه الحديث: أَنبأَه بالصِّدْق، ويقال: صَدَقْتُ القوم. أي: قلت لهم صِدْقًا وتصادقا في الحديث وفي المودة. للأسف الانسان الصادق في حديثة والذي لا يجامل احداً في صدقة بدأ يدفع نتيجة صدقة تخلي كثير من الناس من حوله وجعله في دائرة صغيرة من العلاقات الاجتماعية وهذا الموقف مخالف أولا للدين وثانيا للقيم الإسلامية والموروث الاجتماعي وثالثا السلوك الإنساني الصحيح. لستُ متحاملا لكنني اكتب عن واقع شريحة من المجتمع وهذه بعض الأمثلة على الكذب الذي يمارسه الكثير مِنا (يقول أبوي ما هوب فيه) (أمي نايمة وهي جالسة) (توني واصل بعد شوي أكلمك) (تراني ماسك خط وهو جالس في البيت). في كل منطقة من مناطق المملكة هناك عبارات تدل على الكذب وهي من الموروث ومتداوله بين الناس وتتماشي حسب اللهجة العامية الدارجة في تلك المنطقة. (لست منزعجاً لأنك كذبت علي، لكنني منزعج لأنني لن أصدقك بعد هذه المرة). فريدرخ نيتشة.
الصدق والكذب كلمتان متناقضتان لا يمكن أن تلتقيا لكنهما جزء من واقعنا الذي نعيش فيه، وكل ما أخشاه أن هذا الجيل الجديد أكثر كذباً من الجيل السابق ربما وسائل التواصل الاجتماعي ألقتْ ظلالها المحرقة على تفاصيل الحياة وجعلتْ الكذب امراً عادياً والصدق ليس له مكان. الأسرة لها دور كبير في غرس الكذب في عقول الأطفال من خلال الممارسات اليومية التي تحدث داخل البيت والمجتمع القريب. إن ضريبة الصدق كبيرة وهذا مخالف لطبيعة الإنسان وعادة نسمع (قل والله)، كم هو مؤسف أن يكون الصدق غريباً والشك فيما يقوله الآخرون هو الأساس. وحين يعم الصدق بين الناس يعم الخير والأمان والتفاؤل بالحياة المستقرة السعيدة.
ضريبة الصدق مرحّب بها فهي السبيل إلى استقامة الحال والصدق في هذه الحياة ينقذ صاحبه من أشياء كثيرة أولها تأنيب الضمير وحقوق الآخرين والسمعة الملوثة بالوحل والنفاق. دعوة للذين يؤمنون بالصدق وينبذون الكذب أنتم الصحاب الحق واليد العليا وإن تلخبطت الأوراق في أحيان كثيرة مع الذين يزينون الكذب ويصدقون كذبهم. وهذا بيت شعر أعجبني:
(والصدقُ أفضلُ ما حضرتَ به
ولربما ضرَّ الفتى كذبُهْ)
بشار بن برد