علي حسن حسون
مؤخراً أظهرت وزارة المالية في بيانها الأولي لميزانية 2024، أنه قد تم إصدار أكثر من 162 ترخيصاً استثمارياً للشركات العالمية، تمهيداً لافتتاح مقراتها الإقليمية في الرياض.
وسيكون شهر يناير المقبل هو نهاية المهلة للشركات العالمية المتواجدة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بأن تفتح مركزها الإقليمي في العاصمة السعودية الرياض، وذلك حسب ما دعت إليه المملكة منذ فبراير من عام 2021، حيث سيتم إيقاف التعاقدات مع الشركات الأجنبية التي ليس لها مقر إقليمي في الرياض.
حينما نمعن النظر في قرار كهذا، ندرك أننا مقبلون على مرحلة اقتصادية جديدة ومختلفة كلياً عمّا كان عليه في السابق، وذلك من خلال جذب الاستثمارات العالمية، وهذا أحد أهداف رؤية 2030، بل يعتبر الحجر الأساس في تنويع موارد الاقتصاد السعودي غير النفطي، وتنشيط السوق المحلي بخدمات ومنتجات جديدة.
ولهذا القرار مردود عالٍ جدا على جميع الأصعدة، ولكن هنا أريد أن أتحدث على أثره المباشر على المواطن السعودي بالتحديد الذي بلا شك هو محط اهتمام القيادة الرشيدة في توفير الأدوات والسبل التي تضمن له حياة كريمة له ولعائلته.
أولاً مساهمة القرار في توفير فرص عمل جديدة بطابع عالمي، من خلال استقطاب الموارد البشرية المحلية (المواطنين) والموردين السعوديين على حد سواء، حيث إنهم أمام فرص جيدة يجب التركيز على كيفية اغتمام تلك الفرص، وذلك من خلال تنمية المعرفة العلمية والمهارات المهنية التي تكسبهم القدرة على مجاراة العمل داخل تلك الشركات العالمية.
ثانياً لدى الشركات العالمية خبرات متقدمة في كيفية التعامل مع التطور التكنولوجي المتسارع في عدة مجالات كالذكاء الاصطناعي الذي سيكتسح العالم ويأخذ حيزاً واسعاً في بيئة الأعمال. في وجهة نظري: أرى أن السنوات القليلة المقبلة سيحل الذكاء الاصطناعي محل الكثير من الوظائف، وسيضيف أخرى مغايرة تماماً، يعني بعبارة أخرى (يا تلحق يا ما تلحق).
وعلى الجانب الآخر، فإن شركات القطاع الخاص أمام تحدٍّ وتنافس كبيرين مع الشركات القادمة، حيث إن الثقافة التي تملكها تلك الشركات، تختلف تماماً عن الشركات المحلية، من حيث البيئة الداخلية المحفزة والجاذبة للموظفين، والتي تعمل على تعزيز التعليم والتطوير من خلال التدريب المستمر الذي يضمن أن العاملين على قدر كافٍ من المعرفة والمهارة المطلوبة، كما يجب تعزيز التوازن بين العمل والحياة الشخصية الذي يؤدي إلى رفاهية أفضل وإنتاجية أحسن.
أخيراً: يجب أن تدرك الشركات المحلية والعالمية أن الاستثمار في الرأس المال البشري من أهم الأصول التي تحقق النمو الاقتصادي الواقعي والمستدام، ووفقاً لخبراء الاقتصاد والإدارة: فإن الموارد البشرية تعد مقياساً أساسياً لقياس ثروة الأمم، أما بتعبيري أقول: إن أردت أن تجني الثمار فلا تبخل عليها بالماء.