العقيد م. محمد بن فراج الشهري
كارثة غزّة أظهرت بكل جلاء ووضوح عوار مجلس الأمن والمجتمع الدولي كلّه مجلس الأمن لا قيمة لقراراته ولا كل قوانين، الأمم المتحدة وأصبحت حبراً على ورق ... فكم وكم صدر من القرارات التي تدين الكيان الصهيوني المحتل، ولم ينفذ منها بنداً واحداً.. وبكل استهتار وتماد يستمر الاحتلال الغاصب في فلسطين في ممارسة كل أنواع الانتهاكات الشنيعة في ظل وجود الفيتو الأمريكي، والتأييد المطلق لأفعال إسرائيل.. وقد كشفت هذه الأيام في حرب غزّة أمور كثيرة لا مجال لإخفائها أو تجاهلها منها مساندة الاتحاد الأوروبي الكاملة للعدوان الإسرائيلي رغم مشاهدته على الهواء مباشرة الأفعال التي يقوم بها الاحتلال، من قتل وتدمير، وهدم المستشفيات على رؤوس المرضى والمصابين ولحاقه بالأم أمريكا، ورئيسها بايدن في تحريك الأساطيل، والبوارج وإمداد إسرائيل بكافة أنواع الأسلحة الفتاكة، وإعطائها الضوء الأخضر لارتكاب كافة المحظورات الدولية، وعدم الالتفاف لمجلس الأمن وقراراته، ولا نداء وصراخ العالم والمنظمات الإنسانية لوقف الحرب، وسياسته الأرض المحروقة دون جدوى أو اكتراث بأي قوانين في حرب (قذرة) لم يشهد العالم منذ زمن لها مثيل تحت مرأى ونظر وسمع العالم كله، ومجلس الأمن، وهيئة الأمم، وكافة المنظمات الإنسانية، دون أي مراعاة لأي عوامل إنسانية أو أخلاقية أو دولية ... والمضحك ما تقوله إسرائيل من أن حربها (دفاعاً عن النفس)، ومحاربة الإرهاب.. فأي دفاع وأي إرهاب يتحدث عنها هذه الكيان الغاصب المحتل.. لا يوجد أي قانون يجيز للمحتل قتل المدنيين العزل، وهدم منازلهم، والقبض على أغلبهم دون تهم وهدم المنازل على سكانها، إذ إنه حتى الآن لا يزال أغلب السكان تحت ركام المباني، لم يستطع أحد إخراجهم من تحت الأنقاض حتى الآن.. والأفظع من ذلك كله هدم المستشفيات على رؤوس الجرحى والمصابين، والعزل.. يا له من عالم ويا لها من قوانين ويفعل كل ما يفعله الكيان الصهيوني المحتل والعالم يشاهد ذلك شرقه وغرفه شماله وجنوبه على الهواء مباشرة، وعلى كافة وسائل التواصل، والسوشل ميديا ورغم ذلك لم يستطع مجلس الأمن ولا المجتمع الدولي إيقاف إسرائيل عند حدها والسبب الرئيسي معروف ومفهوم ومقروء. لقد وجدت إسرائيل من يفتح لها باب كل المخالفات الدولية على مصراعيه.. نعم أمريكا أولاً والغرب ثانياً هم من دعموا وشجعوه وساندوا إسرائيل لارتكابها ما ارتكبته من مجازر بشعة تقشعر منها اأبدان.. وهم من ساعدها وساندها لأن تضرب بقرارات الأمم المتحدة عرض الحائط.. وأمريكا تعد طرفاً مشاركاً في الحرب، وسبباً رئيسياً في إفشال قرارات مجلس الأمن وكل قرارات الأمم ونداءاتها، ولم تكتف إسرائيل بهدم المستشفيات والمدارس وقامت أيضاً بعزل (الأونروا) التابعة للأمم المتحدة، وقتل معظم أفرادها، إذ إن الغارات الإسرائيلية على قطاع غزّة كشف عن «كارثة إنسانية غير مسبوقة» وفق ما أفادت به (الأونروا)، حيث ذكر المفوض العام للوكالة، فيلي لازاريني للصحفيين: (لم يسمح بدخول قطرة ماء واحدة، ولا حبة قمح واحدة، ولا لتر من الوقود، إلى قطاع غزة في الأيام الماضية). وأشار لازاريني إلى أنه دعا لمؤتمر لدق (ناقوس الخطر) لأنه بدء من اليوم لم يعد زملائي في «الأونروا» في غزة قادرين على تقديم المساعدة الإنسانية)، وكذلك حذِّر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية أمام مجلس الأمن الدولي من أن النظام الصحي في قطاع غزّة بات (منهكاً تماماً) قائلاًَ إن نصف المستشفيات البالغ عددها (36) أصبح خارج الخدمة، وكان العالم بأكمله يشاهد وقوع أكثر من (300) هجوم وغارة على المؤسسات الصحية في غزّة والضفة الغربية منذ بداية هذه الحرب (القذرة) التي تقودها إسرائيل بحجج فاضحة ومكشوفة الدفاع عن النفس، ومحاربة الإرهاب ويا لها من حجّة قذرة لا يصدقها إلا السذج، إذ إن كل شيء مكشوف على الهواء مباشرة، ونتيجة هذا الادعاء الكاذب، والسافر أكثر من 12.000) اثني ألف قتيل و(300) ألف مفقود حتى الآن أغلبهم تحت الركام في المباني المهدومة، لم يستطع أحد إخراجهم لتواتر القصف فوق كل من يمشي على الأرض لذلك فإن كل ما يحدث في غزّة فهو مهزلة وعار على المجتمع الدولي بأكمله.. وعار على أمريكا لأنها شريك رئيس فيما يحدث، وتعتبر مشاركة في هذه الكارثة الإنسانية، وأمريكا فقدت مصداقيتها، وأثبتت انحيازها التام للكيان الصهيوني، وأفشلت قرارات مجلس الأمن، وظهر رئيسها بوجه أغبر مكفهر في هذه الحرب، ولم يتبق له إلا أن يذهب إلى فلسطين ويشرف بنفسه على تدمير كل ما بقي حياً، وهذه السياسة العوراء ستُفقد أمريكا الشيء الكثير، وستفقد سمعتها، وهيبتها أمام حلفائها، وتصبح بدون مصداقية، ولا أحد يستطيع أن يأمن لها.. وستثبت الأيام ذلك لأنها خرجت عن كل المسارات الدولية في هذه الحرب، وكانت سبباً رئيسياً في القتل والدمار الذي حصل، ولن يغفر لها العالم هذه الهفوة.. وعلى مجلس الأمنن يبحث عن وسائل وأساليب وطرق تزيح هيمنة الولايات المتحدة على قراراته كما على العالم أجمع أن يقف في وجه هذا العدوان الغوغائي الذي تقوم به إسرائيل، وأمريكا، والغرب، ثم أن على الفلسطينيين أن يتوحّدوا إذا ما أرادوا النجاة وأخذ حقوقهم.. لا يمكن للفلسطينيين النجاح أو الفلاح مهما طال الزمن.. ومهما حاولوا دون التوحّد وترك الشتات والتفرّق والمناحرات التي لا تجدي والضحية هو الشعب الفلسطيني المكلوم الذي يعاني من تشتت هذه المنظمات ولم يستفد منها أي شيء.. وأتساءل: أين دور لجنة الأمم المتحدة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه والتي تشكلت منذ عام 1975م ومهمتها المطالبة بحقوق الشعب الفلسطيني في قرارها 3376 وتنص وثيقتها على أن للشعب الفلسطيني حقوقاً غير قابلة للتصرف من أجل تمكين الشعب الفلسطيني من برنامج أو من برامج تنفذ إليها وتوصي بوضع سبيل لممارسة حقوقه غير القابلة للتصرف والمتمثلة في تقرير المصير دون تدخل خارجي, وفي الاستقلال والسيادة الوطنيتين, وفي العودة إلى دياره وممتلكاته التي شُرد منها, وقد أيّدت الجمعية العامة توصيات هذه اللجنة التي تقدم سنويًا, وأنشئت الجمعية العامة شعبة حقوق الفلسطينيين لتقوم بمهام أمانة اللجنة, ووسعت تدريجيًا نطاق ولاية اللجنة بمرور الوقت لكنها حاليًا في غيبوبة. وعودة إلى ما ذكرناه أعلاه الشتات سيضيع الفلسطينيين ولن يستفيدوا إلا المعاناة والتشرذم ولنتذكر قول الشاعر العربي المهلب بن أبي صفرة
(تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسراً
وإذا افترقن تكسرت آحادا)
وختامًا أقول لكل الغوغائيين والمزايدين على القضية الفلسطينية, وتجارها, إن المملكة العربية السعودية ستظل بيت العرب والمسلمين ليس من الآن، بل منذ عهد الملك عبدالعزيز وحتى اليوم وهي إن قالت فعلت ومواقفها مشهودة ومعروفة لا ينكرها إلا كل أفاك منافق.