فضل بن سعد البوعينين
حراك سياسي، أمني، اقتصادي وتنموي تقوده المملكة تعزيزا لأمن واستقرار المنطقة، وتنميتها على أسس مستدامة، واستثمار مقوماتها المتاحة في البناء وإعمار الأرض وتنمية الشعوب، ورفع إنتاجيتها بعيدا عن النزاعات المُهلكة، والفوضى المدمرة.
معالجة التحديات الجيوسياسية وفي مقدمها أزمة غزة، وتعزيز أمن واستقرار المنطقة، وتطوير شراكات المملكة الدولية، وبما يحقق الأهداف السياسية والاقتصادية والتنموية، من أولويات القيادة، يؤكد ذلك القمم المتتالية التي دعا لها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، واحتضنتها الرياض مؤخرا.
أعادت المملكة توجيه بوصلة القمم الدولية، والإقليمية نحو الرياض، عاصمة القرار السياسي والاقتصادي العربي والإسلامي، ومركز التنمية الشاملة، والشراكات الإستراتيجية العالمية القائمة على المصالح المتبادلة.
عززت مبادرات المملكة الرامية لتحقيق الأمن والسلام والتنمية، ثقة العالم بها، وبقادتها الساعين إلى إنهاء الأزمات ووقف إراقة الدماء وتنمية المنطقة، ما أسهم في تلبية زعماء الدول دعواتها وحضورهم القمم الحاضنة لها، إيماناً منهم بصدق النوايا، والهدف الأسمى من عقد تلك القمم التي تركز على معالجة التحديات الجيوسياسية وتكريس أمن المنطقة، وحماية الشعوب، وجمع الكلمة وحل النزاعات وحقن الدماء، وتعزيز الشراكات الإستراتيجية بما يعود بالخير والنفع على الجميع، إضافة إلى اهتمامها بإعادة ترتيب المنطقة وتحويل مسارها نحو التنمية الشاملة بدلا من النزاعات المدمرة. القمتان السعودية الإفريقية، والعربية الإسلامية خير مثال على جهود المملكة الرامية لتحقيق أمن واستقرار المنطقة، وتنميتها، وتلبية زعماء العالم، برغم اختلاف مواقفهم وعقائدهم السياسية، دعوات المشاركة في قمم الرياض.
حرصت المملكة على استضافتها القمة السعودية - الإفريقية على تطوير علاقاتها الدولية، وتعزيز شراكاتها الاقتصادية، والتجارية، والاستثمارية، وبما يخدم أهدافها السياسية والاقتصادية والتنموية، ويسهم في تحقيق مستهدفات رؤية 2030، ودفع عجلة التنمية والاقتصاد في دول القارة الإفريقية ومساندة الجهود الرامية لإرساء دعائم الأمن والاستقرار وحل النزاعات ومحاربة الجماعات الإرهابية.
إفريقيا هي سلة غذاء العالم، وتحتضن أراضيها أنواع المعادن المهمة، كما أن موقعها القريب من المملكة، يعزز أهمية الشراكة الإستراتيجية معها، خاصة فيما يتعلق بالأمن الغذائي، وأمن البحار، والشراكة التجارية والاستثمارية في القطاعات الصناعية والتعدينية.
تتمتع المملكة بالملاءة المالية، وتمتلك صندوقا سياديا يستهدف اقتناص الفرص وضخ استثمارات ضخمة في قطاعات نوعية ومنها قطاعات الطاقة والتعدين والزراعة والاتصالات والأغذية وغيرها، في الوقت الذي تمتلك فيه الدول الإفريقية أنواع الفرص الثمينة التي تحتاج إلى التدفقات الاستثمارية والإدارة الإنتاجية، والإمكانات الفنية. تكامل الأهداف الإستراتيجية بين المملكة ودول القارة الإفريقية أسهم في نجاح القمة وتعزيز مخرجاتها.
وضعت القمة السعودية الإفريقية، أسساً لتكامل اقتصادي قاري يعزز التعاون الاستراتيجي بين الجانبين، وتم الإعلان عن إطلاق مبادرة خادم الحرمين الشريفين الإنمائية في إفريقيا، لتدشين مشروعات وبرامج إنمائية في دول القارة بقيمة تتجاوز مليار دولار، واعتماد مشروع «إعلان الرياض» المتضمن خريطة طريق للتعاون السعودي الإفريقي، وعزم المملكة ضخ ما يقرب من 25 مليار دولار لاقتناص الفرص الخام في القارة، وهي خطوة تؤكد عزم المملكة على تطوير التعاون والشراكة في دول القارة السمراء وتنمية التجارة والتكامل.
وفي القمة العربية الإسلامية، أكد سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان على موقف المملكة الثابت تجاه القضية الفلسطينية، وإدانتها ورفضها القاطع للحرب الشعواء على غزة، ورفض التهجير القسري، ووجوب الوقف الفوري للعمليات العسكرية، وتوفير ممرات إنسانية لإغاثة المدنيين. ربط سمو ولي العهد بين إمكانية تحقيق الاستقرار في المنطقة وضرورة إنهاء الاحتلال والاستيطان والحصار، وأشار إلى ازدواجية معايير تطبيق القانون الدولي. كلمة حاسمة، وواضحة لموقف المملكة الثابت تجاه القضية الفلسطينية والإدانة الصريحة للعدوان الإسرائيلي الغاشم، والمطالبة بتحمل المؤسسات الدولية مسؤولياتها تجاه العدوان، والأزمة الإنسانية والدمار الشامل في غزة.
أسهمت كلمة سمو ولي العهد في تبني القمة قرارات مهمة، وحاسمة، وربما كانت الأقوى والأكثر وضوحا في مواجهة التعنت الإسرائيلي. كلمة ضافية وشاملة أبرزت المشكلات العسكرية والإنسانية والقانونية بشفافية، وطرحت الحلول الناجعة لمعالجتها، فاستحقت أن تكون نبراسا تهتدي به القمة في بيانها الختامي.
نجحت المملكة في جمع زعماء الدول العربية والإسلامية في قمة الرياض، ونجح سمو ولي العهد في تحقيق التوافق بين الزعماء، وإدارة القمة بكفاءة، لاتخاذها قرارات حاسمة ومؤثرة في المجتمع الدولي، وبما يسهم في معالجة أزمة غزة والقضية الفلسطينية عموما، وتوحيد الصف العربي والإسلامي في مواجهة العدوان الإسرائيلي المقوض لأمن واستقرار المنطقة.