حسن اليمني
لماذا تصطف أساطيل أمريكا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا بحاملات طائرات وغواصات نووية أمام شواطئ غزة ولبنان؟ ألا تكفي قوة جيش الكيان الصهيوني المدجج بأحدث أسلحة التدمير لمواجهة عصبة محاصرة منذ أكثر من خمسة عشر عاماً؟
إن ما يحدث في فلسطين اليوم حدث تاريخي يسطر مع أعظم الملاحم التاريخية تلك التي غيرت مجرى التاريخ وقلبت فيه صفحة وفتحت أخرى، وسيحتفظ التاريخ بكل موقف داعم أو مذل على حدٍّ سواء، ومن أهم ما سيسجله التاريخ انفجار الغضب العربي فجر يوم السبت السابع من أكتوبر ونتائجه التي صدمت وشلت العالم كله لعدة ساعات في ذهول عطّل العقول عن التفكير، وسيذكر التاريخ كيف أن بضعة آلاف من العرب استطاعوا الوقوف أمام قوة أوروبا وأمريكا بكل ما يملكون من سلاح إلى أذهاننا ملاحم التاريخ المجيد.
لا شك أن تلك الحشود العسكرية الأوروبية والأمريكية سواء في البحر أو المرافقة مع جند الكيان في مواجهة مقاومة غزة إنما جاءت مخافة تدخل دول إقليمية لدعم وإسناد مقاومة غزة وهذا لا يعني أنها لا تعمل جنباً لجنب مع قوات الاحتلال في المواجهة القائمة ومع كل هذا وذاك ندخل الشهر الثاني دون أن يحقق الكيان المحتل ما يخفف من هزيمته بل إن خسائره تزداد كل يوم حتى بدأ في استدعاء آلياته الحربية الخارجة عن الخدمة وإعادتها للحياة، ونحن نتحدث عن دبابات وعربات محصنة بالفولاذ وأجهزة الاستشعار التقنية التي تعتبر فخر الصناعات الحربية للكيان وهي تدمر وتحترق بمن فيها أمام ضربات حفاة يخرجون لها من تحت الأرض ويركضون باتجاهها ليلصقوا ما صنعته أيديهم بالوسائل المتاحة ليتم تفجيرها، ما هذه القوة والبأس الشديد الذي يحمله العربي المسلم حين يغضب؟ وكيف ترتجف الأساطيل وأشد الأسلحة تطوراً أمام سبابة اليد اليمنى لعربي مسلم مؤمن بقضيته؟
إن ما يحدث اليوم في أرض فلسطين ملحمة تاريخية تضاف للفخر العربي والإسلامي وتعلن بشكل واضح وجلي أن العرب لا زالوا أحياء، وهل يأمن الغرب استمرار الحكمة والروية في النظام العربي في حال طال أمد هذه الحرب الهمجية التي تشن بأقوى وأعتى أسلحة التدمير، أثبت العرب أنهم محبون للسلام بل إنهم أهل السلام وحقوق الإنسان والعدل والمساواة والحلم والعقل وأثبت الغرب ونظامه الدولي أن بينهم وبين الخير والحب مسافات ضوئية تحتاج عصوراً وعصوراً لتستيقظ فيهم بذرات إنسانية استعبدتها القوة والغطرسة والكبر.
طوفان الأقصى قلب صفحة من التاريخ لن تعود وفتح صفحة جديدة وما بعد الطوفان ليس كما قبله وإذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية تعتقد أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) هي المشكلة أو القضية وأن القضاء عليها يعني القضاء على الحقوق الفلسطينية فهذا وهم لا يليق إلا بمن سكر من الكبر وتشبع بالغرور أو الحماقة، فالقضية الحقيقية ليست حماس بل فلسطين المحتلة باسم كيانهم الصهيوني في قلب العرب، ومثير جداً للسخرية هذا الغباء الذي يضع السكين في صدر صديقه ويقف بكل قوته وجبروته أمام أي صرخة ألم زاعماً أن هذا يوجع السكين ويعتبر تمرداً على الحضارة الإنسانية.