سهوب بغدادي
من منا لا يذكر حملات التفتيش المفاجئة التي كانت في المدارس، وكان الهدف الأساس من التفتيش إيجاد الممنوعات، من صور، وكاسيتات، وأشرطة فيديو، وألعاب، وعلكة، وما إلى ذلك باختلاف الحقبة الزمنية التي كان الطالب يدرس فيها. وتزامنًا مع دخول موسم الاختبارات النهائية في التعليم العام والعالي، تبرز بعض الممارسات غير المستحبة من قبل بعض الطلاب بعد نهاية فترة الامتحانات وموعد الانصراف. قالت لي إحدى الأمهات التي تدرس ابنتها في الصف السادس الابتدائي إن مدرسة ابنتها قامت بعملية تفتيش للحقائب المدرسية، فوجدوا لدى طالبة (فيب) أي سجائر إلكترونية! تدخين في الصف السادس الابتدائي!..
هل أضحى التدخين رائجًا أو مظهرًا اعتياديًا لهذه الدرجة؟..
لقد كنا نسمع عن حالات تدخين مبكرة في المرحلة المتوسطة مثلًا، ولكن المرحلة الابتدائية تعتبر مرحلة براءة وطفولة، فما الذي جرى؟
تساؤلات لا حصر لها في خضم ما يراه ويسمعه فلذات أكبادنا في مواقع التواصل الاجتماعي وتسطيح المفاهيم، وتعميم البعض الآخر، ومنها التدخين، وقد يكون السبب انتشار الظاهرة أيضًا لدى المرأة في يومنا هذا، أو لجمال وروعة التصاميم الأخاذة (للفيب)، والتي تأتي على هيئة «فلاش ميموري» أو علبة سماعات صغيرة، بالتأكيد في كل مرة تتم مساءلة الطفل عن صاحب السيجارة، يرد: إنها لأخي الأكبر، أو أبي أو أمي، وما شابه.. فكيف نستطيع أن نمنع طفلاً من التدخين في هذه الحالة، في ظل غياب القدوة؟ مسألة صعبة وتدخل في ازدواجية المعايير، التي تعد أسوأ أساليب هدامة في عملية التربية التي تتطلب وضوحًا في الأهداف والأوامر والنواهي مع تواجد المثال الحي للاقتداء به، في ظل هذه المتغيرات، يستلزم التوعية بأخطار التدخين للصغار والكبار والتعريف بتبعاته وتداعياته على الصحة الجسدية والنفسية، مع عدم إغفال دور الأسرة الفعال والمفصلي لخلق بيئة آمنة وملهمة بالخير لأجيال المستقبل.