عبده الأسمري
اتخذ سبيله في «الفن» سبباً فأخرج «مكنون» المهارة وملأ «مخزون» الجدارة بأنامل «جديرة» حوّلت «الرسم» إلى «وسم» نقشه على «واجهات» الأثر و»اسم» كتبه في «سجلات» التأثير.
من «ضيق» الحال إلى «أفق» المجال رسم «لوحاته» بزاوية منفرجة على «الابتكار» وحادة نحو «الروتين» فكان الرسام الهمام والفاعل «المرفوع» بالهمة الذي أنشأ جمله «الفعلية» من فعل «المهام» وضمير «الإلهام».
وظّف «الألوان» في خدمة «العنوان» الفني بيقين «الريشة» وأنين» الغربة» وحنين «الموهبة» حتى رتّب «مواعيد» الإنجاز على «أسوار» العالمية وجنى «وعود» الاعتزاز من «أغوار» المهنية.
إنه رائد الفن التشكيلي البروفيسور عبد الحليم رضوى رحمه الله أحد أبرز الفنانين التشكيليين محلياً وإقليمياً ودولياً..
بوجه حجازي الملامح وتقاسيم «مكاوية» بواقع «الأصول» ووقع «الفصول» تشبه والده وتتشابه مع والدته وعينين تسطعان بلمحات «الفطنة» ونظرات» الحكمة» وسحنة «حنطية» ومحيا أنيق يعتمر «الزي الوطني» المتكامل وشخصية شهيرة بحسن الخلق قديرة بطيب الذكر خبيرة بجمال القول وصوت جهوري مكتظ بلهجة حجازية «عتيقة» ونبرة وطنية» أنيقة» تتكامل على «مفردات» علمية وتتماثل أمام «عبارات» عملية وصدى محفوف بخبرة «عريضة» قوامها «التخصص» ومقامها «الاختصاص» وأنامل تسلحت بريشة «الإبداع» وكفوف تأقلمت على «هوية «الإمتاع وفكر قويم ينطلق من «سيرة» اختصاصية و»مسيرة» استشارية ودراسات عليا وشهادات مثلى ومقام فني شهير في «الرسم» و»الاسم» قضى رضوى من حياته «عقوداً» وهو ينسج الخطوط كعناوين ويحوّل الرسوم إلى مضامين مؤسساً لمواسم الازدهار الفني ومراسم الانبهار المهني رساماً فريداً وأستاذاً سديداً وخبيراً منفرداً وتشكيلياً عالمياً وسفيراً فنياً.
في حي أجياد الشهير بمكة المكرمة ولد عام 1939 وسط أسرة فقيرة وامتلأت مرابع الجيران المفعمة بالإلفة والتآلف ببهجة الخبر المبارك وانطلقت «الأهازيج» المكية بين «ثنايا» الحارات «البسيطة» المسكونة بالبساطة.
تجرّع «ويلات» اليتم الباكر و»الحزن» المبكر بعد وفاة والده وهو ابن الخمس سنوات فنشأ يتيماً حاملاً على عاتقه مسؤولية أسرة وركض بين «مسارب» الكدح متزوداً بنباهة فطرية ونباغة جهرية وانضباط في الكفاح وارتباط مع الفلاح وظل يخرج كل يوم من «خيمة» صغيرة كانت تأويه وأسرته المكونة من أم عظيمة وإخوة صغار يرون فيه «البطولة» صباحاً و»الطفولة» مساءً بعد أن حطم «رقم» العمر بهمم «الصبر» وشرى له «عربة» صغيرة لبيع «البليلة» وعمل في خدمة المعتمرين والحجيج وفي الطوافة وفي مهن متعددة.
تحولت طفولته البريئة إلى «معترك» أول كافح فيه «الحاجة» ونافح خلاله «الاحتياج» ليملأ «فراغات» العيش برزق بسيط كان بمثابة «الغنى» ومثوبة «الاستغناء ليعطر مساءات عائلته بقصص ملهمة ويسطر في عقول إخوته معاني الانتماء وقيم العون وسبل التعاضد.
انتظم رضوى على مقاعد الدراسة تلميذاً نبيهاً وظل يرتقب كل صباح الصور «البصرية» في جنبات مكة المكرمة ويقتنص من وجوه «البسطاء» ملامح الرضا ومن سحن «الطيبين» مطامح القناعة ومن آفاق «أم القرى» جمال الطبيعة وامتثال الطبائع..
أحب الرسم وظل يتأبط كراسته «المعتقة» بخطوط البراءة ليبدأ «المحاولة «الأولى برسم خريطة للمملكة العربية السعودية والتي نالت «الإعجاب» وسطرت «التعجب» نظير الإبداع المسجوع في الخط والمشفوع في اللون ثم وجّه بوصلة «اهتمامه» شطر المسابقات حيث شارك في أول مشاركة له على مستوى المرحلة الثانوية بالمملكة عام 1958م ونال المركز الأول بمبلغ (500) ريال عن لوحته» (قرية) وقامت مدرسته بعدها بتوفير ركن لأعماله نظير كفاءته وظل يواصل إنتاجه حتى تخرجه من ثانوية العزيزية عام 1960م.
ظل رضوى في «سباق» مع بعد نظره وافق نظرته حيث قرر دراسة الفن من عقر دور «الغرب» حيث سافر إلى إيطاليا عام 1961م والتحق بأكاديمية الفنون الجميلة بروما وظل يدرس نهاراً ويعمل ليلاً لمواجهة التزامات «الاغتراب» وعمل دهاناً ليسدد رسوم دراسته ثم تمّ ضمه إلى البعثة الرسمية فيما بعد وفي عام 1964 حصل على ليسانس فنون الديكور من كلية الفنون بروما وأقام في المدينة ذاتها أقام أول معارضه الشخصية.
عاد رضوى إلى وطنه محملاً برضا النفس وفي حقيبته «شهادة» التميز وفي قلبه «حنين» الذات وفي يمناه «قبضة» الانتصار وأقام أول معرض فني في تاريخ الوطن عام 1965م بنادي البحر الأحمر بجدة وظل يركض في ميدان «الانتشار» حيث اتفق مع شركة أرامكو بالظهران لرسم عدد من اللوحات عن النفط لوضعها على غلاف أحد مطبوعاتها وأقام معرضاً فنياً في مقر الشركة واختير محكماً في مسابقة للرسم لطلبة وطالبات المنطقة الشرقية
انتقل بعدها إلى الرياض وعمل مدرساً بمعهد التربية الفنية بالرياض فترة وجيزة ثم عاد إلى جدة معلماً بإحدى المدارس الثانوية.
ونظراً لخبرته تم الإيعاز إليه بإدارة مركز الفنون الجميلة في جدة منذ تأسيسه حتى إلغائه من 1968م - 1974م
ربط رضوى بين العلم والتعلم والفن وما بين النظرية والتطبيق وسكن أعماقه حب «العلا» حيث واصل دراسته وحصل على درجة الدكتوراه في الفنون من أكاديمية سان فيرناندو بإسبانيا عام 1979م ولقب بالبروفيسور وقد ارتبط بعدة مناصب حيث عمل مديراً لجميعة الثقافة والفنون بجدة بين عامي 1980م - 1991م
كانت له «البطولة» الفنية في تجميل ميادين مدينة جدة بالمجسمات الفنية حيث استطاع أن ينفذ (20) عملاً فنيّاً ساهمت في جعل «العروس» مدينة الفن وعاصمة التشكيل وحاضرة الجمال.
تم عرض أعماله في أكثر من 100 معرض شخصي في أمريكا وهولندا، والبرازيل وبريطانيا، والسويد، واليابان، وإندونيسيا، وفرنسا، وإسبانيا، وإيطاليا، وسويسرا، وبلجيكا، وحفظت بعض أعماله في متاحف الفن الحديث في إسبانيا، والأردن وريودي جانيرو والمغرب، ومتحف الحديث الوطني في تونس، ومتحف كير جاس في زيورخ، وصالة الفن في سان ماركو في روما.
شغل رضوى عدة وظائف شرفية منها عضو مجلس التحكيم الدولي بمدريد عام 1968م، ورئيس لجنة التحكيم للفنون الجميلة بمدريد عام 1978م ورئيس لرابطة الفنانين العرب بمدريد.
وقد تم اختيار إحدى لوحاته ضمن تقويم عالمي في أمريكا لعام 1989م كشخصية فنية عالمية مع كبار الفنانين في العالم منهم الفنان فان جوخ.. وتميزت أعماله الفنية التي بلغت حوالي (3300) بتنوعها بين الجداريات والكولاج والنحت والرسم.
ارتبط بالتأليف وأصدر كتابه (الحياة بين الفكر والخيال)، وشارك في كتاب آخر مع آخرين بعنوان (قضايا معاصرة في الفن التشكيلي والفكر الاجتماعي والنفسي).
تمّ تكريمه في أكثر من محفل حيث حصل في عام 1984م على وسام (الفارس) من رئيس بلدية ريودي جانيرو في البرازيل، كما منحته أكاديمية بون تازين الدولية في نابولي بإيطاليا عام 1996م وسام العلوم والفنون والآداب، وحصل أيضاً على درع لبنان في معرضه الشخصي (90) في بيروت عام 1998م وغيرها.
وفي عام 2006 انتقل رضوى إلى رحمة الله إثر متاعب بالقلب وَوُوْرِيَ جثمانه ثرى جدة وعزا فيه زملاء مهنته ورفقاء دربه ووصف الراحل بفقيد الفن التشكيلي وقد اقترنت وفاته بذكر العديد من مناقبه ومآثره واستعراض سيرته ومسيرته.
حول رضوى اللوحات الفنية إلى بصمات تاريخية موظفاً «سر» الفكر و»جهر» الأداء في «رصيد» ناطق بالثقافة و»أثر» خالد بالمعرفة.
عبد الرحيم رضوى الاسم الذي اعتلى «المشاهد» وتجلى في «الشواهد» صاحب المسيرة المكللة بالأسبقية والمجللة بالأحقية في «تاريخ» الفنون و»ترسيخ» المتون.