د.عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
تقع السعودية بين الشرق والغرب، أي أنها تتميز بموقع لوجستي قادر على تأمين أمن سلاسل الإمدادات التي تتأثر في زمن الجوائح والحروب والأزمات، وفي نفس الوقت اختصار المسافات وتقليل تكاليف النقل وتقليص الوقت، لذلك ستحتاج السعودية إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي الذي سيغير معالم قطاع الصناعة في السعودية خاصة مع تطور مجالات مكملة له مثل الحوسبة السحابية والبيانات الكبيرة وإنترنت الأشياء من أجل أن تتحول المصانع السعودية إلى شركات رقمية للمحافظة على تنافسيتها مع انخفاض تكاليف تطبيق الذكاء الاصطناعي، ما يسهم في رفع كفاءة وجودة المنتج وانخفاض التكاليف في حدها الأدنى.
ظهر أول ربورت صناعي في عام 1962 لدى شركة جنرال موتورز، ولا يزال تطبيق هذه التقنيات مكلفاً مقارنة مع سعر اليد العاملة مثل الصين والهند ودول أخرى في جنوب شرق آسيا، لكن هناك دراسة لمجموعة بوسطن الاستشارية BCG أن استخدام الروبوت الصناعي بنسبة تصل إلى 20 في المائة مع ما يصل إلى 70 في المائة من خفض التكلفة الناتجة عن زيادة إنتاجية القوى العاملة، ما يعني أن استخدام الذكاء الاصطناعي سيلعب دوراً أساسياً في مصانع السعودية التي ستكون بحاجة للتحول إلى شركات رقمية.
اتجهت السعودية إلى عقد القمة العالمية للذكاء الاصطناعي 2 في 2023 ليس فقط في تفعيل استخدامها في القطاع الصناعي، بل أيضاً استخدامها في المدن الذكية وتنمية القدرات البشرية والرعاية الصحية والمواصلات والطاقة بهدف إيجاد الحلول للتحديات الحالية لتعزيز التعاون الدولي حول الذكاء الاصطناعي واستخداماته القادر على تحليل البيانات الكبيرة لتحديد الاتجاهات الاقتصادية والتنبؤ بالاتجاهات المستقبلية، ودعم الابتكار وتطوير الصناعات الجديدة والمتطورة، وتوجيه الاستثمارات في الصناعات الواعدة، وضمت القمة ثمانية روبوتات اجتماعية بشرية وأكثر من 20 روبوتاً متخصصاً جرى جمعها لأول مرة تحت سقف واحد.
هناك سباق الذكاء الاصطناعي الذي بدأ يأخذ طابعاً تنافسياً بين شركات التكنولوجيا العملاقة وليذكي معه حدود الهيمنة على هذه التقنية المتقدمة، التي باتت إحدى الأدوات الرئيسية للاستثمار فيها بكثافة في المرحلة المقبلة لمواكبة التحولات المتسارعة، والتي بدأت تتجاوز التركيز على الحوسبة السحابية مع تحول أنظار المسؤولين التنفيذيين بشكل واضح إلى الذكاء الاصطناعي بما قد يعوِّض للشركات بعض المكاسب التي فقدتها جراء التقلبات الاقتصادية العالمية المعاكسة، حتى تثبت للسوق أنها في موقع متقدم في السباق نحو الذكاء الاصطناعي التوليدي.
إذ قامت شركات مايكروسوفت والفابت مالكة غوغل وميتا بلامتفورمز وامازون هذا العام 2023 بدمج الذكاء الاصطناعي بقوة في منتجاتها على أمل أن يقود ذلك دورة النمو التالية للصناعة، وإن كانت هذه الجهود ستستغرق وقتاً لتؤتي أكلها.
خلال الأسبوعين الماضيين نشرت مجموعات التكنولوجيا الرئيسية نتائجها المالية للربع الثالث من 2023 وقد فاق معظمها توقعات المحللين، لكن تركيز وول ستريت كان منصبا فقط على الذكاء الاصطناعي، وشهدت غوغل الشركة الأولى عالمياً في مجال الإعلان عبر الإنترنت قفزت أرباحها الفصلية بنسبة 42 في المائة على أساس سنوي لتصل إلى ما يقرب 20 مليار دولار ما يتجاوز توقعات وول ستريت، لكن خسرت أسهم غوغل 10 في المائة خلال جلستين بسبب النتائج المخيبة في الحوسبة السحابي، ما يعني أن المجال مهم للذكاء الاصطناعي التوليدي، وتؤكد شركة الاستشارات الأميركية ماكينزي إن الذكاء الاصطناعي التوليدي يمكن أن يضيف نحو 7.3 تريليون دولار من القيمة إلى الاقتصاد العالمي كل عام، وتعتقد انه يمكن أتمتة نصف أنشطة العمل اليوم بين عامي 2030-2060 .
لذلك حرصت شركة إنتل الأميركية العملاقة في مجال الرقائق الإلكترونية على تسليط الضوء على إمكانات وحدات المعالجة المركزية سي بي يو إس الخاصة بها، وهي المعالجة الدقيقة التقليدية، ويعتقد رئيس المجموعة أن الاستخدام الاستدلالي بهذه النماذج هو الذي سيكون مذهلاً في المستقبل سيكون عبر معالجات كزيون الدقيقة الخاصة بشركة إنتل، فالجميع يسعى لإطلاق منتجات جديدة والتحدث بصوت أعلى من المنافسين، فماسك يدخل المنافسة بتطبيق جروك بعد دمج شركة الذكاء الاصطناعي الناشئة إكس أيه آي مع منصة إكس، تجري معركة شركة تايوتا للحاق بشركة تسلا في عصر جديد من المركبات الكهربائية، حيث تدعي شركة تايوتا تحقيق اختراقات تكنولوجية في البطاريات صلبة الحالة تحاول إقناع المستثمرين بقدرتها على منافسة شركة تسلا لكن إيلون ماسك الرئيس التنفيذي لشركة تسلا بأن عمليات التجميع القديمة تحتاج إلى تغيير بالنسبة إلى المركبات التي تعمل بالبطاريات.
ولضبط سلامة الذكاء الاصطناعي استضافت بريطانيا في أكتوبر 2023 أول قمة عالمية لسلامة الذكاء الاصطناعي شملت قادة العالم ومدراء شركات التكنولوجيا والمنظمات غير الربحية وقعت خلال هذه القمة 28 دولة بما في ذلك الصين بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي على إعلان بلتشلي الذي يشجع على توخي الشفافية ومساءلة مطوري تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الحدودي كما تسميه بريطانيا وأشارت إلى مخاطر المحتوى الذي يمكن التلاعب به وانتهاكات الأمن السيبراني والتكنولوجيا الحيوية، ومنع الروبوتات من الخروج عن نطاق السيطرة بطريقة خطيرة، باعتبار أن الذكاء الاصطناعي سيكون القوة الأكثر تدميراً في التاريخ كما يرى ماسك.