م. بدر بن ناصر الحمدان
الحديث عن ميثاق الملك سلمان العمراني ليس حديثاً مختزلاً عن مفردات وعناصر وأشكال نمط معماري وعمراني بذاته بقدر ما هو محاولة جريئة لاستعادة الذاكرة المكانية للعاصمة الرياض ودمجها في العمران المعاصر من خلال التفرد في توظيف سمات البناء ومكوناتها في كامل دورة حياة المبنى المادية وغير المادية.
نحن أمام نسخة متقدمة من توثيق العمران بمفهوم «المبادئ» أكثر منه رصدًا للخط الزمني لبناء المدن وإظهارها على هيئة وثائق وقواعد رقمية، ثمة بُعد عملي آخر للميثاق الذي سيصبح «موجه» لثقافة التصميم المعتمدة على فرضية «العودة للمستقبل» ولمواصلة الجهود لكي تصبح «الرياض كما يريدها سلمان».
إعادة إنتاج التاريخ المبني كأحد الظواهر المُشاهدة داخل المدن ليست مهمة سهلة على الإطلاق وتحتاج إلى ممكنات وأدوات حضرية قادرة على الدفع بهذه المهمة إلى الأمام لذا يأتي ميثاق الملك سلمان العمراني كأحد أهم الأذرع في مجال فنون التصميم والتخطيط التي ستُمكّن مسيري العمران من الوصول إلى تحقيق هذه الفلسفة العمرانية المعقدة.
الرصد العمراني لا ينحصر في ما تم بناءه ولكن كيف تم ذلك؟، لهذا فإن العودة لفلسفة القرارات التي ساهمت في إحداث التحوّل على مستوى تاريخ المدينة أمر في غاية الأهمية، على سبيل المثال تعتبر وثائق شركة «دوكسيادس» وشركة «ست أنترناشيونال» التي استقطبت لتصميم ومراجعة المخطَّط الشامل لمدينة الرياض بمثابة مصدر ثري لذاكرة الرياض وكشف عن العقلية المبكرة في تخطيطها في فترة لم تكن كثير من المدن - في أفضل حالها - على دراية وجرأة للتخطيط لمستقبلها. (يتبع)