د. معراج أحمد معراج الندوي
تتجلى الإنسانية في تعدد الأفعال والحركات والأخلاق التي تختلف في تنفيذها والتعبير عنها والتي مع ذلك تكون مُتماسكة من حيث نواياها المثالية. الإنسانية هي طريقة تهدف إلى تحسين العالم، الإنسانية روحٌ عالميّة مدفوعة بدعوة تلبية الاحتياجات البشرية في ظروفٍ غير عادية أو غير متوازنة أو غير مُتكافئة. وبالتالي جرت المفاوضات الإنسانية تاريخياً في حالات انعدام الأمن الشديد والظروف السياسية غير المستقرة وذلك من أجل تأمين الوصول للمساعدة لبقاء الحياة الإنسانية.
في الماضي كانت الإنسانية تتحامل من أجل نشر السلام والسعي للتعايش السلمي ونبذ الحروب وبسط الأمن والاستقرار، ثم جاء الوقت، وهو العصر الذي نعيش فيه، ونشهد أن الإنسانية لا تسمع صوت النداء للأمن والسلام، ولا تشفع الإنسانية لصرخات الأطفال، ولا لأنين العجائز، تحت الركام أصوات غير مسموعة، وجثث لشهداء، جريمتهم الوحيدة أنهم احتموا بوطنهم ورفضوا ترك ترابهم، ليس لهم ناقة ولا جمل، ولا يملكون سوى طلب الرحمة من رب السماوات.
كل نداءات العقل عجزت عن منع قتلهم والتنكيل بهم وهدم منازلهم وحرمانهم من الطعام والماء والدواء، ويمضى الاحتلال الإسرائيلي في طريق الدمار، لا يوقفه صوت عقل أو دعوة حق، وليس في العالم أحد ينادي إلى السلام والأمن والاستقرار. لقد سلب الاحتلال الأراضي والأرواح والنفوس وهدم البيوت فوق أصحابها المسالمين، وتسمح الإنسانية بتدمير المستشفيات وقطع الكهرباء ومنع الوقود والغذاء،
كل نداءات العقل لم يعرها الاحتلال أي اهتمام، حيث يتجاهل الاحتلال والدول الكبرى التي تسانده كل معاني الإنسانية ويستخدمون كل أدوات الحرب القذرة حتى مواقع التواصل الاجتماعي.
الاستمرار في انتهاك كل القيم الإنسانية وكل المواثيق والقوانين والقرارات الدولية، ونحن لا نتكلم عن القوانين الدولية المنتهكة من قبل الاحتلال الإسرائيلي، ولم يبق لنا إلا المطالبة بالعدالة والإنسانية للضعفاء والأبرياء،
كسبت غزة احترام جميع الأسوياء الذين يؤمنون حقا بحقوق الإنسان في هذا العالم، وبدأت موجات الرفض والاستنكار تجتاح الدول التي تؤيد اسرائيل في جرائمها البشعة، وسوف يكون هذا تأثيره على مجريات الصراع لصالح القضية الفلسطينة، وسيعلم الذين يظلمون أي منقلب ينقلبون.
إن ازدهار الإنسانية وتقدمها يتجلى في كيفية الحفاظ على أرواح البشرية من الموت والدمار، يكمن في صون كرامتها وضمان حريتها، والحرص على ضمان العيش لجميع أفرادها بسلام وتسامح وأمان.
غزة تستصرخ الضمير الإنساني، فيجب على العالم ومنطمة الصحة العالمية أن يسارعوا إلى تقديم الخدمات والإغاثة الإنسانية في البر والبحر لانقاذ سكان غزة من هذا المصير المؤلم، فهل تجد من يجيب..؟ لأن الإنسانية في اختبار جاد.. ألا يسقط جسر الإنسانية في البحر..؟