مها محمد الشريف
لا أحد ينكر كذب الروايات الإسرائيلية المدعومة من الإعلام الغربي، ومحاولة تقديم نفسها بأنها ضحية على الرغم من أنها دولة احتلال قصفت غزة بأطنان من القنابل، وقصفت 270 منشأة صحية بحجة أهداف لحماس قُتل فيها مرضى ومدنيين، حتى عربات الإسعاف لم تسلم من التدمير، وفكرت باستخدام النووي، علمًا بأن إسرائيل لم تعترف أبداً بامتلاكها النووي، لكن وزير التراث قبل أيام اقترح بقصف غزة بالنووي، وهذا يعتبر اعترافًا صريحًا قد يفتح الباب مستقبلاً على التسلح النووي بالمنطقة، وعودة التصعيد بالنووي إما استراتيجية ردع أو مؤشر ضعف تعانيه قواتها العسكرية التقليدية.
إسرائيل تتباهى بتلك الأسلحة وتلوح بها ومن خلالها تسعى إلى التضليل والخداع، فالأسلحة النووية لا يمكن أن تخفي ضعف القوات العسكرية التقليدية، لأن التهديدات بالتصعيد، من عدو يائس مراوغة للحقائق، لذا من حق المرء أن يسأل: إذا كان الأمر على الحال فعلاً، لماذا هذا الصمت من المجتمع الدولي؟، والتهديد بالنووي حاضر ومسموع تبثه وسائل الإعلام العالمية، لماذا لا يؤخذ على محمل الجد، أم هو أمر مضلل ويخدم لصالحهم على نحو مباشر.
فهل إسرائيل تستغل الحرب في الترويج لأسلحتها وصادراتها الدفاعية؟، أم أن كل الأسلحة والغواصات في الشرق الأوسط أصبحت للردع؟، وما تقوم به حكومة نتنياهو ميثاق للضراوة وسجل للفظائع الوحشية التي اقترفت باسم العدالة أو الدفاع عن النفس، فقد صدر الأمر إلى آلة عسكرية هائلة الجبروت بشن هجوم وقائي مناف للقانون الدولي جملة وتفصيلاً، ولم تجد الاعتراضات سوى آذان صماء، فمنذ عام 2003 لم يعد يسري إلا قانون الأقوى، وبحكم هذا القانون الظالم صار الأقوى يمتلك الحرب والنتائج.
فهل لهذا الجنون المنظم عاقبة لا مفر منها؟، وكل شيء قد ارتفع تدرجه وشرّع لنفسه دستوراً ليعيد الاستعمار بلغة موحدة، وصورة تعكس وقائع التشوهات وانهيار القيم وانفلات وعجرفة بعض الحكومات الغربية من ما يحدث في غزة من إبادة وتهجير، فهذا هو الظلم الوحشي الذي يمارسه الأقوياء، الذي انتهج سياسة إعلامية تغض الطرف عن قتل الآلاف من النساء والأطفال مقابل مصالح سياسية واقتصادية دنيئة.
لقد ارتفعت «حصيلة الشهداء والجرحى من أبناء الشعب الفلسطيني نتيجة العدوان المتواصل على قطاع غزة والضفة الغربية، إلى 10165 شهيدًا، ونحو 27 ألف جريح». في إشارة من وزارة الصحة الفلسطينية إلى أن أكثر من 70 % من القتلى الذين سقطوا في الضفة والقطاع هم من الأطفال والنساء والمسنين.
تُرى ما هي الحالة التي ستؤول إليها الحرب الإسرائيلية الغربية على كومة أنقاض، وقد هلك أهل غزة وقادة حماس الذين أشعلوا هذا الفتيل خارج البلاد يعيشون في أمان وبذخ لا محدود، بهذا المعنى يجدر بنا أن نتساءل: هل قضية فلسطين ترنو ببصرها إلى التقاعد؟، لأن عمر الحوادث كبر عمراً وتكاد الذاكرة أن تنسى الكثير من تفاصيلها الآن، ومهما كانت الحال فإن الفوضى صاحبت تلك الأحداث وواظبت على الاعتقاد بأنها ستحارب لتحقيق النصر فحماس في جبهة وكتائب القسام وسرايا القدس في جبهات مختلفة، كل بحسب انتمائه الحزبي، على الرغم من أن هناك دلائل تشير إلى أن الحل الأفضل لغزة أن تعود تحت حكم السلطة الفلسطينية.