علي محمد إبراهيم الربدي
خبر مفجع ومحزن تلقيته صباح يوم الاثنين 1445/4/8هـ الموافق 2023/10/23هـ، وهو خبر وفاة المربي الفاضل والمعلم القدير صاحب الفضل والإحسان الأستاذ محمد الصالح العجاجي مدرس اللغة العربية بمتوسطة القادسية أول متوسطة تفتح بمدينة بريدة والتي كانت ملحقة بها ثانوية بريدة.
عمل الأستاذ محمد الصالح العجاجي أبو محمد الذي درسني ودرس أجيالاً من قبلي ومن بعدي خريج كلية الشريعة بمدينة الرياض عام 1384هـ.
بدأ حياته العملية معلماً بمتوسطة القادسية ببريدة ثم مديراً لمتوسطة الحرمين بنفس المدينة ومن الذين درسوا بالجمهورية اليمنية فمع بداية عام 1394هـ وأثناء حكم الملك فيصل وطوال حكم الملك خالد والملك فهد والملك عبدالله كان حكام المملكة العربية السعودية يرسلون المعلمين السعوديين للتدريس بمدارس اليمن العلوم الشرعية واللغة العربية وتصرف لهم الحكومة السعودية الرواتب مضاعفة وكانت تبني المدارس باليمن كما كانت تتعاقد مع المعلمين العرب على اختلاف تخصصاتهم للتدريس بمدارس الجمهور اليمنية وتصرف لهم المرتبات العالية.
والأستاذ محمد الصالح العجاجي أبو صالح من مواليد مدينة بريدة وقد تكون ولادته بتاريخ 1360 هـ تزيد أو تنقص سنة أو سنتين درس وتعلم على مطاوعة بريدة (الكتاتيب) ومن أشهرهم الوهيبي والصقعبي والتحق بالمدرسة الفيصلية أول مدرسة ابتدائية تفتتح بمنطقة القصيم ببريدة بل بالمنطقة الوسطى وتخرج منها عام 1375هـ وأكمل تعليمه بمعهد بريدة العلمي عندما كانت سنوات الدراسة خمس سنوات وتخرّج عام 1380هـ
واصل أبو صالح تعليمه بكلية اللغة العربية بالرياض وحصل على شهادة البكالوريوس 1385هـ من كلية اللغة العربية الوحيدة بالرياض قبل أن تكون فرع من فروع جامعة الإمام محمد بن سعود والتي تأسست بموجب أمر ملكي صدر عن الملك خالد بتاريخ 1396هـ وعين مديرا لها الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي واستمر مديراً لها حتى عام 1414هـ.
وأبو صالح من المعلمين المخلصين نحسبه والله حسيبه من معلمي الناس الخير الذين قال الرسول صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ عنهم :(إنَّ اللَّهَ وملائِكتَهُ وأَهلَ السَّماواتِ والأرضِ حتَّى النَّملةَ في جُحرِها وحتى الحوتَ ليصلُّونَ على معلِّمِ النَّاسِ الخيرَ.
وأشهد أن الأستاذ أبا صالح معلم يحب العلم أخلص بالتدريس وفى العمل معلم محبًا لطلابه يحترم الجميع ونظرته إليهم أبويه لا حقد ولا كراهية ولا حسد يراعي الفروق بينهم ويسمع لهم يساعد المحتاج ويسأل عن الغائب من الطلاب إنه ذلك المعلم الذي اتصف بصفات الرسل إنه واحد من المعلمين الذي أوصانا الشاعر أحمد شوقي باحترامهم وتبجيلهم حين يقول:
قُم لِلمُعَلِّمِ وَفِّهِ التَبجيلا
كادَ المُعَلِّمُ أَن يَكونَ رَسولا
أَعَلِمتَ أَشرَفَ أَو أَجَلَّ مِنَ الَّذي
يَبني وَيُنشِئُ أَنفُساً وَعُقولا
وأسرة العجاجي بمدينة بريدة أهل علم وتجارة خدموا الدين والمليك والوطن منهم المرحوم المترجم عنه أبو صالح الذي بدا حياته العملية معلما ثم تاجر عقار ومنهم الشيخ عبدالله المحمد العجاجي الذي نحسبه والله حسيبه وجيه الدنيا والآخرة صاحب أول مكتب صرافة بمدينة بريدة صاحب الجاه والوجاهة والأعمال الخيرية التي لا تزال مستمرة حتى بعد وفاته فهو من بنى وأسس الجمعيات الخيرية بمدينة بريدة والتي لا زالت تؤتي ثمارها ومنهم المرحوم بمشيئة الله الشيخ ناصر العجاجي الذي أشار على الأمير محمد العبدالله آل رشيد عندما دخل بريدة وصارت تحت إمارته توجه الشيخ ناصر إلى الأمير محمد بعد استقرار الأوضاع وأشار عليه بأن يرسل إلى البادية علماء (مطاوعة) يعلمونهم القرآن الكريم وأمور دينهم فهم يجهلون الكثير من أمور دينهم على حد قوله ويحتاجون لمن يعلمهم ويقولون : إن الأمير محمد الرشيد التفت إلى عمه الأمير عبيد مستشاره الخاص) يستشيره في الأمر ويقولون :إن الأمير عبيد قال : للأمير محمد اتركهم على جهلهم إن علمتهم أشغلونا ، وهناك فرق بين سياسة ابن رشيد وسياسة عبدالعزيز بن سعود الذي احتوى البادية وعلمهم أمور دينهم فعندما دخل الرياض عام 1319هـ واستقرت الأحوال بالرياض فتح جامع الإمام تركي بن عبدالله آل سعود يطعم أبناء البادية ويعلمهم الدين الصحيح المبنى على المبادئ السمحة من الكتاب والسنة وفعلا استفاد منهم في استرجاع أملاك آبائه وأجداده وتأسيس المملكة العربية السعودية.
والمعلم محمد الصالح العجاجي وأحد من أفراد أسرة العجاجي ذات الحسب والنسب التي سكنت مدينة بريده واستقروا بها قبل ثلاثمائة سنة بينما سكن أبناء عمومتهم ببلدان متفرِّقة من نجد في حريملاء والعيينة والعمارية وضرما ومنهم من سكن بمدينة الاحساء بالمنطقة الشرقية بعد خروجهم من جنوب الجزيرة العربية والجميع أبناء عمومة.