منال الحصيني
سمعت من أحدهم تعليقاً بالعنوان أعلاه محاولاً تفسير (سميّة) بعض العلاقات ناعتاً إياها بالأغذية المعلبة التي لو لم تنتبه لتاريخ صلاحيتها فستكون كل خطوة بعد ذلك سامة، موضحاً أنه ليس بالضرورة أن يكون أحد الطرفين سيئاً ولكن هكذا شاء القدر أن تنتهي الطريق، وأن خروج بعض الناس من حياتك لا يعني نهايتها إنما هي نهاية لبداية شيء جديد أنت فقط أنهيت الجزء المتعلق بهم فيه فلا تؤجل فراقاً حان أوانه، وأنه لا يوجد إنسان ليس له بديل، فما دامت الروح في الجسد فأمامك الكثير.
كلام في غاية الجمال فيما يخص العلاقات الإنسانية وهذا ما جعلني أتعمق أكثر في (سيكوباتيتنا مع ذواتنا).
ماذا لو تعاملنا مع أنفسنا بنفس الفكر الذي نتعامل به مع من نسمح لهم بالرحيل ونقول لهم هذا فراق بيني وبينك، لعدم رغبتنا بالارتياح.
هل فكرنا يوماً (بسميّة) عاداتنا السلوكية التي نمارسها على أجسادنا، فنحن نسمح للكثير منها أن تنهش ذواتنا والغريب أننا نستمر في الصمود حتى بات أغلبنا لا يرى لوناً للحياة ولا حتى طعماً.
أنا لا أعرف ممارسات الجميع ولكني أجزم أن الأغلبية العظمى لديهم تلك السلوكيات التي أنهكوا أجسادهم بها هروباً من ضغوط الحياة فوقعوا في فخ سيكوباتية الذات، هي ظلم لها لن نبصر أضرارها إلا مع مرور الوقت.
أوليس الأغلبية يمضون معظم أوقاتهم بعيداً عن أبنائهم وأسرهم لممارسات عادات لا يريدون أن يروهم بها. وهذا نوع من سميّة السلوكيات ستترك أثراً عليهم على المدى البعيد.
ولا نبرىء أولئك المدمنين على أعمالهم منكبين عليها بنهم فلا تكاد ترى وقتاً لراحة أجسادهم حتى يكون هناك وقتٌ لأولادهم وأسرهم.
ستمضي الأيام وتجري السنون وسيصحون من (سيكوباتية الذات) ستراهم يلتفتون يمنة ويسرى لإعادة ضبط إعدادات النفس ولكن هيهات فالجميع من حولهم اعتادوا على نمط سميّة سلوكياتهم ومن الصعب تغيير أمر قد أكل عليه الدهر وشرب.
ما علينا هو أن نفكر جيداً كما لو أننا نقول إنه لا يوجد إنسان ليس له بديل فكذلك لا يمكن أن يكون هناك سلوك خاطئ ليس له بديل منصف ومريح للعيش باتزان.
علينا أن ننظر تلك النظرة الثاقبة للأمور قبل فوات الأوان.
فإما السفينة.
أو الغلام.
أو الجدار.
فلم أجد أسوأ من أن يصحح أحدهم سلوكاً خاطئاً اعتاد عليه بعد فوات الأوان.. ربما تغلِب الزمن أو حتماً هو غالبك.
فذلك تأويل ما لم تستطع عليه صبراً.