د. إبراهيم بن جلال فضلون
بالفرنسية لـ«ماكرون» Il est mort – وبالألمانية لـ«شتاينماير»Er starb، وبكل لغات العالم ندونها أن لا حياة للقانون الدولي، ولا الأمم المتحدة ولا لحقوق الإنسان، بل إنهم جميعاً قد ماتت وماتت معها ضمائر القتلة من بني البشر، من يتحكمون في مصائر عباد الله وخلقه، ومن يتهجمون على كتاب الله وأشرف خلقه، من يُدنسون الأقصى ويُبيدون عالمنا وأحلامنا التي وهبها الله لنا، فهم لا رب لهم ولا شريعة إلا الإرهاب والنهب والقتل والتشريد، وكأنهم ينتقمون من الكون وربه وهو القادر الجبار والمنتقم لكنه حليم وقد وعد بأن لهم اليوم الموعود ليكونوا عبرة ودرساً كجثة فرعون موسى التي طفت على الماء..
إن فظائع (درسدن وغيرنيكا والعراق وأفغانستان وسوريا) أسباب موجبة لعدم محو قطاع غزة وتحويله إلى تراب، وسط أكاذيب نعيشها من الماضي حول الحرب وقوانينها التي فُصلت على أجساد ناحلة امتلأت وفاض عليها الثوب من كثرة أكاذيبهم وضلالاتهم في كافة أرجاء العالم، لاسيما على العرب والمسلمين، في الشرق الأوسط التي تقف في طريقهم بحقيقة اليوم مفادها أن الثوب قد تمزق، وطفح الكيل، فكانت إسرائيل وبنو صهيون القطرة التي أفاضت الكأس، وفضحت الأمم المتحدة وقوانينها الدولية، التي تندرج حرب إسرائيل وحماس تحت نظام عدالة دولي معقد نشأ منذ الحرب العالمية الثانية، انبثقت قواعدها المتفق عليها دولياً من اتفاقيات جنيف عام 1949، وصادق عليها كل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وتم استكمالها بأحكام أصدرتها محاكم دولية معنية بجرائم الحرب، مُنظمة نظام يعرف إجمالاً باسم «قانون النزاعات المسلحة» أو «القانون الإنساني الدولي»، للحد من السلوك المسموح به لأطراف النزاع، وفق «منظمة العفو الدولية» أو «قانون الحرب»، وهنا لا مفر أن تكون أمام الملأ حتى من أقرب أصدقائها ومن داخل كيانها وشعبها، أمام التهمة الأخطر منذ بداية الحرب بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر وغاراتها الجوية غير المحسوبة والتي استهدفت مناطق كاملة وليس مخيم جباليا ببعيد فقد ضربته مرتين ومسحت به الأرض، وليس ذلك بجديد فإنها تمارس ألاعيبها بالترهيب والإرهاب في حروب يعود تاريخها إلى عام 1948، ولقد حاولت الهجوم البري أربع مرات وفي كل مرة تعود بخفي حنين، مهزومة خائبة الأمل أمام قلة لا يتعدون ألف مقاتل، وكأن أمامي صوت الفنان حمدي غيث مُجسداً شخصية ريتشارد الأول قلب الأسد، ملك إنجلترا أثناء الحملة الصليبية الثالثة (1189-1192)، في فيلم الناصر صلاح الدين، يقول لقادة أوروبا مُتهكماً (جيوش إحدى عشرة دولة وتقول قلائل).
لقد اجتمعت الدنيا بحذافيرها من أقطاب القوة العالمية على كيلو مترات عليها أبرياء، لكن الله ناصرهم، فلا حاملات طائرات ولا بوارج ولا جنود مشاركة في حرب اليهود عليهم، فكلهم تحت عرش الرحمن وهو قاهرهم بلا ريب، وتحت أعين القانون الدولي الإنساني، الذي تبجح اليهود وأهانوا رأس الأمم المتحدة «غوتيريش» عندما اعترضهم، بل طالبوا بعزله، وهاجموا إيلون ماسك لأنه ساعد الأبرياء بمنظومة ستارلنك للإنترنت الفضائي، وأرادوا دفع ديون مصر مقابل تهجير أهل غزة لسيناء، وقد أبت الأمة المصرية، ومثلها الأردنية والعرب كافة، وسيفعلون ما بوسعهم لكل من يُحاول الوقوف ضدهم، رغم التطبيع إلا أنهم يفقدون الأصدقاء بأفعالهم، ضد القانون الدولي الذي يتكون من اتفاقيات جنيف الأربع في عام 1949 وبروتكولاتها المُلحقة في عام 1977 مع سائر العهود الدولية، وهُم (جرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب والإبادة الجماعية وجريمة العدوان)، إضافة إلى نظام روما لعام 1998 الذي أنشأ المحكمة الجنائية الدولية الدائمة، ويقرر أنه حال استهداف حي سكني أو تجمعات سكنية يكون ذلك خرقاً لاتفاقيات جنيف التي صادقت إسرائيل عليها، وفي حرب غزة، نجد جريمتين: (ضد الإنسانية وجرائم حرب)، ويُعدُ التهجير الممنهج «الترحيل القسري» للسكان، جريمة إبادة تعاقب عليها المحكمة الجنائية الدولية وانتهاكاً للقانون الدولي، الذي إن تم التقدم له بها لا تأملوا أن تخرج بنتيجة، فهُم (الجلاد والقاضي)، وإلا ما أهانوا كل رؤوس القانون الدولي، وعلى الرغم من ذلك لا يكون التقدم لذلك الضعيف العالمي بقانونه الواهن إلا عبر طُرق ثلاثة، أولهما تقديم ملف متكامل للمحكمة عبر مجلس الأمن، وهو مستحيل أمام الفيتو، وثانيهما أن يوافق الأطراف للجوء إلى المحكمة، وهو صعب، لأن إسرائيل ليست عضواً في نظام روما، وأخيراً عبر المدعي العام الدولي، وهو كذلك مستحيل لاسيما بعد منعه من مزاولة عمله، وعبور المعبر (رفح) عندما زار مصر، مطلعاً والعالم على إصابات وحروق غير مألوفة حيّرت أطباء غزة ومصر عندما استقبلت منذ أيام أبطال الأبرياء من غزة، التي اعترفت الأمم المتحدة نفسها أن قطاع غزة أصبح مقبرة لآلاف الأطفال، وهُم نسبة 45% من الشهداء ككل، ولتعلم واشنطن أنها أخطأت تقدير قدرة إسرائيل في الحرب التي تُحارب فيها بعتاد من النخبة الأمريكيين وحاملاتها، لتكون غزة مقبرة لهم جميعاً.
احذروا أيها العربان أن يدخل أي قوة دولية لقطاع غزة، وإلا ستكون وسيلة لجر خيط الحرب والموت المحتم للمنطقة إلا من رحم الله منها، خاصة مصر المستهدفة منذ الأمد البعيد، كونها مقبرة الغزاة الأولى التي صدت وتصد الحملات الصليبية كلها، فالله خير حافظ وناصر لمصر والعرب، واضعين أمام أعيننا ما فعلته الولايات المتحدة بعد هجوم 11 سبتمبر، فقد غزت العراق، وقتلت 200 ألف شخص من الأبرياء في ثلاث سنوات. وماذا فعل البريطانيون في الحرب العالمية الثانية؟ فقد ضربوا درسدن بالقنابل الحارقة، وأحرقوا 25 ألف مدني أحياء، والغريب موقف اليابان التي ضُربت بالقنبلة النووية في هورشيما بما يقرب من 70.000 شخص عام 1945 ومصابين يتراوح عددهم من 90.000 إلى 140.000 شخص.. وما يُدهشني الأن أن تقف اليابان مع قتلة أهل غزة وهي من ذاقت مرارة الأيام، فهل يعيش اليابانيون الآن في مأمن منهم؟! لا والله فلا أمان بينهم ولا أمن معهم فهم أهل نفاق وغدر وخيانة، إنهم بنو يهود والماسونية الإرهابية.
وأذكركم بكلام مبارك -رحمه الله- لنتنياهو الذي أحضر له خريطة عارضاً للأول الرغبة في نقل الفلسطينيين إلى سيناء، ليصدمه قولاً فصلاً كما فعل الرئيس السيسي حالياً بحسم، قائلاً مبارك له «لقد حاربنا من أجل هذه الأرض، ما تقوله سيتسبب في حرب جديدة بيننا وبينكم»، فرد نتنياهو: «لا نريد حرباً جديدة»، وأغلق الملف..
رسالة من القلب قرأتها وأفحمتني: (لا عزاء على ترك الأماكن التي لم تعرف قيمتنا الحقيقيّة، تلك التي تختبر صبرنا، ولم نعرف كيف نجد أنفسنا فيها رغم محاولاتنا العديدة).