خالد بن حمد المالك
دخلت حرب 7 أكتوبر شهرها الثاني، وما زالت قوات إسرائيل تمعن بالقتل وتهديم المباني على رؤوس سكانها، وأمريكا تقول: وهل من مزيد؟ حيث لا يكفيها أن عدد الشهداء الفلسطينيين بلغ عشرة آلاف شهيد وأكثر من عشرين ألف مصاب وقرابة ثلاثة آلاف مفقود، وهي أرقام لا تُشبع شهية الإسرائيليين، ولا تكفي للانتقام من هزيمة مذلة تعرض لها الجيش الإسرائيلي الذي يقولون إنه جيش لا يُقهر.
* *
يبدو أن لا خيار آخر للإسراع في حسم المعركة لصالح أمريكا وإسرائيل إلا باستخدام القنبلة الذرية، وهذا ما صرح به وزير التراث بحكومة إسرائيل الياهو عميحاني الذي طالب بإلقاء القنبلة على قطاع غزة حتى لا تبقى غزة ومن فيها على وجه الأرض، مع قتل كل من يرفع العلم الفلسطيني أو علم حماس، ولا حقاً أن تقام فيها مستوطنات إسرائيلية، وهي دعوة لم يرَ نتنياهو سبباً لمعارضتها إلا لأنها قد تسيئ إلى إمكانية تحرير الرهائن والمخطوفين لدى حركة حماس، مع تأكيده بأن المسؤولية الأمنية في غزة بعد الحرب ستكون في إسرائيل.
* *
وهذه الدعوة إلى إبادة جماعية لأكثر من مليوني فلسطيني في غزة، تعاملت معها أمريكا هي الأخرى وكأنها خارج إطار الإرهاب الذي تدعي واشنطن أنها تحاربه، أما رئيس الوزراء الإسرائيلي فقد اكتفى بتعليق حضور الوزير الياهو اجتماعات الحكومة لامتصاص غضب العالم الحر، فيما كان صوت المملكة الاستنكاري عالياً بوصفها هذا التصريح الوقح بأنه تطرف وتوحش، ضمن مواقفها الثابتة والمبدئية ضد الإبادة الجماعية، والتطهير العرقي، ومطالبتها المتكررة بوقف إطلاق النار، والذهاب إلى خيار قيام الدولتين.
* *
رأي أمريكا أن تواصل إسرائيل القتال، ولا ترى مصلحة في إيقافه بحجة أنه يساعد حماس والفصائل الفلسطينية لاسترجاع قوتها، لكنها فقط مع هدنة تسمح بإطلاق سراح الرهائن ولفترة محدودة، وبعد ذلك يتم إطلاق يد الجيش الإسرائيلي لقتل الشعب الفلسطيني في غزة، وهدم منازلهم، وإجبارهم على الرحيل، وعودة غزة إلى الاحتلال الإسرائيلي من جديد.
* *
ومما يؤسف له أن هذه الحرب تحتكم إلى شريعة الغاب، فلا أحد له حق التدخل لإطفاء هذا العدوان الغاشم على غزة طالما أن أمريكا طرف رئيس فيه، وبالتالي فسوف تواصل تل أبيب بجيشها المدجج بأحدث أنواع الأسلحة الأمريكية المجانية عدوانها على المدنيين في غزة، ولن يوقفها أحد عن ذلك طالما أنها بلا إنسانية، ومن غير ضمير، وتتمتع بالدعم غير المحدود من الولايات المتحدة الأمريكية التي تعترف واشنطن بأن طائراتها الاستخباراتية تجوب سماء غزة بحجة البحث عن أماكن تواجد الأسرى الموجودين في قبضة حماس، فكيف لنا أن نصدق بأنه ليس لها مهام أخرى.
* *
بقي أن نشير إلى أن المعركة مفتوحة، وقابلة للتصعيد والتوسع، وهو ما يعني أن المنطقة والعالم قد يكونا على موعد مع فوضى وعدم استقرار، ما يجعل من إيقاف الحرب، والبحث عن تسوية أمراً لا بديل عنه، وعلى العقلاء والحكماء في العالم أن يمارسوا الضغط على واشنطن فهي المحرك لهذه الحرب، وهي الداعمة لها، وليس لعاقل أن يتصور غير هذا، أو يعتقد أن أمريكا بريئة من دعم هؤلاء القتلة المتوحشين.