أ.د.عثمان بن صالح العامر
استوقفتني كثيراً تغريدة تناقلتها وسائل التواصل الاجتماعي الأيام الماضية لأكاديمي لا أعرفه ولا أعرف من أي بلد هو وفي أي جامعة يدرس، يقول (المصطفى ولد اكليب) فيما غرد به (أصبحت أخجل من طلابي الذين درستهم عبر عقود فلسفة الأنوار وما لحقها من فلسفات غربية حديثة ومعاصرة تمجد مفاهيم: النقد، العقلانية، الإنسانية، القيم، الأخلاق، التقدم، العدالة، الإنصاف، حقوق الإنسان، الحرية، النقد ...إلخ.
اعتذر لكم طلابي الأعزاء لأنني كنت مشاركاً في خداعكم.
الغرب هو أكبر أكذوبة عرفها التاريخ).
الاعتذار ليس عيباً ولا هو ضعف وإنما يعد من شيم الكبار، خاصة إذا كان الاعتذار عن حديث جرى في القاعة الأكاديمية التي غالباً ما يكون عضو هيئة التدريس الذي يشرف بدخول الحرم الجامعي متخصصا ومتبحراً ومراجعا لمادته العلمية قبل دخوله على طلابه، وفي نفس الوقت موقن ومتأكد بل معتقد ومقتنع بكل نظرية يطرحها وقانون يشرحه ودليل يسوقه وكتاب يحيل عليه وشخصية يجلها ويقدرها، ولذا فالأكاديمي الحق له تأثيره القوي على طلابه، وربما كان سبباً مباشراً في قناعاتهم الشخصية بمفاهيم ونظريات واطروحات وشخصيات وقواعد في الحياة جراء اعجابهم باستاذهم الذي كان مسوقاً جيداً لهذا الفكر أو ذاك.
ولذا عطفا على ما كان من هذا الأكاديمي الذي طارت تغريدته بالآفاق علينا أن نراجع أنفسنا نحن الأكاديميين فيما قلنا وكتبنا واحلنا وحللنا ولنعتذر علانية إن كنا أخطاءنا أياً كان الخطأ. لنعتذر لطلابنا، لمجتمعنا، لقرائنا، لوطننا، لديننا، فنحن من يصنع الفكر، ونحن مشارك قوي في بناء الصورة الذهنية لدى النشء، ونحن البوابة المعرفية التي منها ينفتح الطالب على أفكار البشر. ليكن يومنا هذا زمن المراجعات داخل اروقة الجامعات، خاصة ما كان له صلة ببناء الفكر وتغذية العقل. ولا يعني هذا التخصيص ألا نعتذر لطالب على خطأ اقترفناه في حقه ولو كان بسيطاً، لننشر ثقافة الاعتذار في الوسط الأكاديمي، ولا نعتقد أننا معصومون عن الخطأ لأننا حصلنا على هذه الدرجة العلمية التي لا تعدو أن تكون جواز عبور لدخول القاعة الأكاديمية. تقبل النقد من طلابك، لا تغضب حين يصحح لك أحدهم معلومة سقتها خطأ، لا تعتقد أنك بالدال وحدها ستنال احترام وتقدير من هم في القاعة، ولذا عليك أن تظل طالب علم حتى تدفن في قبرك وإلا ستموت وأنت في زمرة الأحياء وستجد نفسك تكرر نفسك كل عام بطريقة مبتذلة تشفق أنت على نفسك قبل أن تنتظر غيرك يشفق عليك. دمتم بود والسلام.