عبده الأسمري
ما بين مضامين «الرواية» وميادين «الصحافة» استل «قلمه» من «غمد» الجرأة وانتهل «علمه» من رصد «الحقيقة» فظل يوزع «هناء» الاستطلاع في روايات اجتازت «أسوار» الاعتياد وينقش «سخاء» الإبداع في حوارات تجاوزت «أبعاد» العادة.
فكان الروائي الهانئ بعقله والصحفي الهنيء بإنتاجه والكاتب المهنا بمداده في شؤون «مسيرة» ومتون «سيرة» تمازجت بين الألفة والغربة وامتزجت وسط التآلف والاغتراب وأنتجت «خلطة سرية» من الإنتاج الذي كسر «أرقام» التوقع وقلب مقاييس «الواقع».
من ثرى طيبة الطيبة الطاهر إلى تاريخ جدة الأصيل وحتى ضباب لندن وإلى ضياء دبي شد الترحال وحط الرحال في «رحلة» كفاح كان سلاحها «القلم» وميدانها «الأدب» وزادها «الإعلام» وملاذها «قلب أبيض» وعتادها «روح» نقية ونفس فتية..
إنه الروائي والكاتب رئيس تحرير مجلتي سيدتي والمجلة سابقاً الإعلامي المعروف نبيل نقشبندي رحمه الله أحد أبرز الروائيين والإعلاميين في السعودية والخليج.
بوجه مديني الملامح وطني المطامح وتقاسيم باهية تعلوها ابتسامة دائمة وبسمة مستديمة وعينان تسطعان بلمحات التيقن وتلمعان بنظرات التمعن ومظهر أنيق تكسوه «البذل» الأنيقة المشكلة بحكم «الاغتراب» واحتكام» المهام» في بلاد «الغربة» وزي وطني في محافل الوطن وشخصية جميلة الطبع أصيلة الطباع يتجلى فيها حسن الخلق ويعلو منها طيب المعشر قديرة بالاحترام وجديرة بالتقدير وكاريزما مسجوعة بالأدب والتهذيب وجمال الطبع وجميل الطباع وصفاء داخلي يوزعه على الآخرين بسخاء ونقاء فطري يمنحه للغير ببذخ وصوت خليط ما بين لهجة وطنية بيضاء ولغة فصيحة عصماء تتخللها مفردات أدبية دقيقة المعنى عميقة المفهوم وعبارات ثقافية قوامها «المهارة» ومقامها «الجدارة» وأناقة لفظية ولباقة قولية في محافل القرار ووسط صالات التحرير وعلى طاولات التوقيع وأمام اتجاهات التنافس قضى نقشبندي من عمره عقوداً وهو يؤسس «المجلات» المتخصصة ويطور «المطبوعات» الفريدة ويهدي للرواية «انفرادات» التأثير و»مقومات» الأثر ويملأ دروبه بأرصدة «التفوق» ويسكن «الذاكرة» بإشعاع «الإبداع» صحفياً وكاتباً وقيادياً وإعلامياً وروائياً وضع اسمه في سجلات «الكبار» بوقائع «التطوير» وحقائق «التغيير.
في المدينة المنورة المستنيرة بطهر المكان ونور الزمان وعطر الثرى ولد ضمن سلالة أسرية تسابقت على «الفلاح» وتعانقت مع «النجاح» ونشأ في أحضان والدين كريمين علماه «ماهية» التوجيه سراً وجهراً واقترن قدومه بأهازيج مدينيه تناغمت مع «طبول» الاحتفاء واكتظت «منازل» الطيبين من المدينيين بالمقدم المبارك الذي ارتبط بالدعوات والمباركات.
ركض صغيراً مع أقرانه بين باب المجيدي وحارة الأغوات وأحياء بدر والقبلتين ممسكاً بزمام الأصول التي بنى عليها صرح طفولته المدهش المفعم بالحنان والذي أثرى عقله بموجبات «الإيثار» وعزائم «الاعتبار» مما جعله يكتب ذكرياته الأولى بلغة الجماعة منعتقاً من أولى قيود الذات الأمر الذي حوله لاحقاً إلى شخص اجتماعي يوزع المسرات ببذخ أمام كل الوجوه وفي شتى الأماكن.
تعتقت روحه بطهارة المحفل المديني الذي قضى فيها سنواته الأولى مجللاً بعبق الأرض ومكللاً برونق الزمن وظل يرتب مواعيد الانتماء على بوابات «يثرب» مولياً «قبلة» أحلامه شطر «المعرفة» وموجهاً «بوصلة» أمنياته قبالة «الثقافة».. فظل يجمع «قصاصات» المجلات الشهرية ويحتفظ ب»مقالات» الصحف اليومية والتي كان يخبئها داخل كتبه الدراسية في حين مضى يكتب «مذكرات» طفولية بريئة في كشكوله «الملون» الذي كان «صحيفة» خاصة أولى تحتضن «خواطره» وتحفظ «كتاباته»..
اغترف في مقتبل «العمر» من «مشارب» المعارف وظل يقضي جل وقته في واحة «القراءة» مكتفياً بجمالها ومنتشياً بعطائها حيث تحول إلى «طالب» مجد صباحاً وقارئ» نهم مساءً فاكتسب «التوازن» المعرفي الذي منحه «الوهج» الباكر و»التوهج» المبكر في «مجالس» أسرته و»مواطن» عشيرته.
أتم تعليمه العام والتحق بجامعة الملك عبد العزيز وحصد منها درجة البكالوريوس في العلاقات الدولية ثم صال وجال في بلاط صاحبة الجلالة في عدة مواقع وتدرج بالعمل الصحافي الفريد وتعين في «مناصب» متعددة حيث شغل منصب نائب رئيس تحرير صحيفة الشرق الأوسط وشغل منصب رئيس تحرير مجلتي «المجلة» و»سيدتي»، وكان أحد مؤسّسي مجلة «الرجل». كما قدّم برنامجاً تلفزيونياً بعنوان «حوار مع هاني» على قناة دبي، وهو برنامج سياسي اجتماعي إنساني ناقش فيه عدداً من القضايا العربية، واستضاف مجموعة من الشخصيات السياسية والأدبية والعلمية وانضم إلى قناة المشهد عام 2022 التي خصصت له برنامج «الهنواتي».. وكتب مقالات متخصصة في عدَّة صحف ومواقع إلكترونية.
انخرط نقشبندي مبكراً في مجال الأدب، وصدر له كتاب «يهود تحت المجهر»، و»لغز السعادة»، قبل أن يتحوّل إلى مجال الرواية، حيث صدرت له روايات عدّة أبرزها، «ليلة واحدة في دبي»، و»اختلاس»، و»طبطاب الجنة»، و»سلام» و»الخطيب» و»نصف مواطن محترم»، ورواية «قصّة حلم»، التي تحوّلت إلى عمل تلفزيوني بعنوان «صانع الأحلام»، من إنتاج أبو ظبي للإعلام.
تصدرت روايته «اختلاس» المشهد ومنعت في عدد من البلدان العربية وتمت إعادة طباعتها ست مرات وترجمت إلى اللغة الروسية.
حمل نقشبندي معاناة الإنسان على عاتقه «المثقل» بالمهام فحول «هموم» المجتمعات إلى «غيوم» من الإبداعات أمطرت صيباً وفيراً من «الرواية» التي كانت لعبته «المفضلة» وميدانه «المتسع» القادر على احتواء بعد نظره وأفق نظرته.
نبض قلب نقشنبدي بالتسامح والسلام والوئام فكان يرى في عابري الشوارع «أخوة» وقاطني الجوار «أصدقاء» وظل فؤاده وطناً بشرياً يحتضن البسطاء ويبهج الغرباء ويحفل بالفضلاء..
أتقن «الرواية» بشكل أخاذ وغرد خارج «السرب» متقدما في «الأفق» على «أجنحة» الأجادة حاصداً «الجودة» بواقع «المشاهد» وواقع «الشواهد»..
قبض نقشبندي روائياً على «الفكر» المنفلت من «عقال» الزمن ليوظف «الحقائق» ويسخر «الوقائع» ويوجه «المتطلبات» إلى «الدوائر» المفتوحة من «الأمنيات» مروضاً «الخيال» ليخوض معركته «الحتمية» مع الواقعية في «اتجاهات» نقلها بحرفية «الراوي» ووظفها باحترافية» الروائي».
انتقل نقشبندي إلى رحمة الله يوم الأحد 24 سبتمبر من هذا العام 2023 ونعاه رفقاء الدرب وزملاء المهنة من كل الاتجاهات والأنحاء وعزا فيه وزراء ووجهاء ومسؤولون من الداخل والخارج واستعرضت «شاشات» التلفزة ومواقع الصحف خبر الرحيل وتم وصفه بفقيد الصحافة والرواية وقد استرجع الكثير من أصدقائه لحظاتهم وذكرياتهم مع الفقيد في عبارات واعتبارات اعتلت «المشهد» الإعلامي.
هاني نقشبندي «صانع الأحلام» و»الهنواتي» والروائي الاستثنائي والإعلامي الريادي صاحب المسيرة «المنوعة» والسيرة المتنوعة والرقم الصحيح في قوائم الصحافة والناتج المؤكد في مقامات الرواية.