د. علي بن صالح الخبتي
بالرغم من تحقيق مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار في نسخته السابعة الذي عقد في الرياض في الفترة 24-26 أكتوبر 2023م بحضور أكثر من 6000 مشارك من أكثر من 90 دولة، نجاحاً باهراً إذ كان مجمل قيمة الاستثمارات التي تمت فيه 17.5 مليار دولار في قطاعات مختلفة شملت الطاقة والصناعة والتكنولوجيا والمناخ والبيئة والذكاء الصناعي ومستقبل الخدمات المالية وتحسين منظومة الاستثمار وتعزيز الاقتصادات وتحفيز العالم مما يجعل العالم أفضل، بالرغم من كل ذلك الذي تم تعزيزاً لرؤية 2030 وتحقيقاً لمستهدفاتها الطموحة جداً للوصول إلى 12 ترليون ريال من تكوين رأس المال الثابت. بالرغم من كل تحقيق تلك الأهداف العالية جداً إلا أن ما لفت نظري في المؤتمر قيادة الشباب السعودي لمعظم فعاليات المؤتمر من كافة الوزارات الذي يكشف بوضوح وجلاء المكتسبات العظيمة لبلادنا المملكة العربية السعودية المتمثلة في رأس المال البشري الذي يشكل جوهر رأس المال الحقيقي لبلادنا.. هؤلاء الشباب الذين يتمتعون بمهارات إدارة الأعمال العالية المتمثلة في الاتصال والتواصل والثقة.. ومهارات التفاوض والإقناع المتمثل في اللغة والاستماع النشط والاحترام والبحث عن أسواق جديدة وتطويرها والتسويق والتخطيط والمعرفة المالية وغير ذلك من الصفات التي أهلتهم للتفاعل مع كل مكونات هذا المؤتمر العالمي المتقدم جداً.. وغالباً ما يُعتبر الشباب هم الأصول الحقيقية لأي بلد لأسباب كثيرة منها الإمكانيات التي يتمتع بها الشباب في مجال الابتكار والتقدم حيث يجلب الشباب أفكاراً جديدة وإبداعاً وطاقة. هذه الصفات وهذا التفكير الابتكاري يؤدي بإذن الله إلى تحقيق نتائج مبهرة في مجالات التكنولوجيا والعلوم والفنون وغيرها من المجالات، مما يساهم في تقدم وتنمية أي بلد. كما أن الشباب يمثل القوى العاملة المنتجة وذلك لأن الشباب يمثل نسبة كبيرة من السكان في سن العمل ويشكلون جزءاً كبيراً من القوى العاملة. ومن خلال التعليم المناسب وتنمية المهارات، يمكنهم المساهمة في النمو الاقتصادي والإنتاجية، وتعزيز الصناعات والشركات والتقدم في جميع المجالات.. وقد رأينا ذلك ماثلاً للعيان ليس فقط في هذا المؤتمر بل في جميع برامج الرؤية التي يقودونها بكل اقتدار وذلك بفضل الله.. كما يتمتع الشباب بالقدرة على إحداث تغيير اجتماعي إيجابي. حيث غالباً ما يكونون في طليعة المشاركين في الأنشطة التي تكفل تشكيل قيمنا ومادئنا وأخلاقنا ويكشفون للعالم قدرتهم على إحداث تغييرات اجتماعية إيجابية تشكل قيم واتجاهات بلادنا. ويشكل الشباب استثماراً طويل الأجل في كل المجالات التعليمية والصحية وينتج عن ذلك تحقيق فوائد طويلة الأجل. ومن خلال تعليمهم وتأهيلهم وتسليحهم بالمعرفة والمهارات والموارد، يصبحون أكثر استعداداً لمواجهة التحديات المستقبلية وتولي أدوار قيادية، وكل ذلك يضمن بإذن الله استمرارية التقدم والاستقرار للوطن. وكما ذكرت سابقاً فإن الميزة الديموغرافية المتمثلة في تمتع البلدان ذات الفئة السكانية الشابة بعائد ديموغرافي بوجود عدد أكبر من الأفراد في سن العمل يساعد في تعزيز النمو الاقتصادي بكل مكوناته، ويمثل مورداً قيماً، وعندما تتاح له الفرص المناسبة، يدفع كل ذلك التقدم الاقتصادي والاجتماعي والثقافي.
ونظراً لقوة الهيكل الاقتصادي لبلادنا وما توفره من برامج تمكين للشباب وفرص التعليم والابتعاث والتدريب كل تلك عوامل فاعلة مكنت الشباب من المساهمة بقوة في اقتصاد بلادنا وجعلتهم يلعبون دوراً محورياً فيه وذلك بتنمية رأس مال بشري غالباً ما يجلب وجهات نظر جديدة وأفكاراً مبتكرة وطاقة إلى القوى العاملة. وتأتي مساهمتهم في الاقتصاد أيضاً من خلال مهاراتهم ومعارفهم وإنتاجيتهم التي اكتسبوها من خلال التعليم والممارسة والتجارب والتدريب المهني. ويتمتع شبابنا بكونهم أكثر انفتاحاً على تحمل المخاطر، مما قد يؤدي إلى إنشاء أعمال تجارية جديدة وفرص عمل. إنهم يساهمون في النمو الاقتصادي من خلال بدء مشاريعهم الخاصة، وتوليد فرص العمل لأنفسهم وللآخرين. كما يعد الشباب شريحة سكانية استهلاكية مهمة. تؤثر عاداتهم وتفضيلاتهم في الإنفاق بشكل كبير على مختلف الصناعات، بما في ذلك التكنولوجيا والأزياء والترفيه والسفر والمزيد. وتساهم قوتهم الشرائية في نمو السوق وتحفيز النشاط الاقتصادي. كما أن الشباب ماهرون في مجال التكنولوجي وسريعون في التكيف مع التكنولوجيات الجديدة. إنهم يلعبون دوراً حيوياً في دفع التقدم التكنولوجي والابتكار، والذي يساهم بدوره في النمو الاقتصادي والإنتاجية والقدرة التنافسية. ويلعب شبابنا دوراً نشطاً في تشكيل الاتجاهات والتفضيلات المجتمعية، وقيادة التغييرات في أنماط الاستهلاك، وخلق الطلب على مختلف المنتجات والخدمات. ويمتد هذا التأثير إلى ما هو أبعد من الاقتصاد ويساعد في دفع الصناعات الثقافية والإبداعية. كل ذلك بفضل الله سبحانه وتعالى ثم بفضل ما تهيأ لهم من إمكانات وبرامج عمل وتدريب وسياسات داعمة من الدولة.. وأثبتت تجاربنا أن لا مكان للمتخاذلين والكسالى والذين لا يستغلون الفرص لتطوير أنفسهم والمنافسة على المراكز المتقدمة..
وخلاصة القول، يشكل هذا المؤتمر لبنة في بناء اقتصادنا الشامخ الذي يسير وفق رؤية طموحة تشرف عليها قيادة واعية ويقودها شباب هذا الوطن الطموح المؤهل المفعم بالحيوية والنشاط ونرى نتيجة لذلك وبتوفيق الله في كل يوم وضع لبنة جديدة تشكل مستهدفاً جديداً من مستهدفات الرؤية. حفظ الله بلادنا من كل سوء وزادها تألقاً ورفعة.. وأبعدها وإيانا من كل شر وحقد الحاقدين وحسد الحاسدين.