د. محمد عبدالله الخازم
قبل خمس سنوات، في 14 أكتوبر 2018م كتبت مقالاً بعنوان «سعود الصحية: نقد الذات» ولست أود إعادة محتواه رغم صلاحيته، بقدر ما أركز على أهم نقاطه المتعلقة بالمرجعية القانونية والتنظيمية. بل وقبل عقدين من الزمان لم أتحمس لذلك. لازالت جامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية (جامعة سعود الصحية) مزدوجة مرجعيتها بين الشؤون الصحية بوزارة الحرس الوطني ووزارة التعليم وهذا وضع غير مثالي تنظيمياً ويعاني منه العاملون فيها. وزارة الحرس الوطني مشكورة أسست الجامعة، لكن يفترض تجاوز اجتهادات البداية المشفوعة بحسن النية، إلى القيام بخطوة تنظيمية قانونية، تزيل الضبابية حول مستقبل الجامعة وتحسم العديد من ملفاتها الخلافية. أقترح هنا أربعة (سيناريوهات)، لعل وزارة التعليم/ مجلس شؤون الجامعات مع وزارة الحرس الوطني والجهات ذات العلاقة تنظر فيها. طبعاً، لرفع الحرج عن إدارة الجامعة نتجاوزها من مبدأ {مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ} واحتمالية وجود تعارض مصالح يفرضها الانتماء للجهتين.
الخيار الأول: تحويل مرجعية جامعة سعود الصحية لتكون تابعة لوزارة الحرس بشكل كامل، وفق ما يعرف بـ Corporate University وأحد أمثلة ذلك محلياً هو جامعة الملك فهد للبترول والمعادن التي أصبحت جزءاً من شركة أرامكو. عالمياً، هناك شركات عديدة تؤسس جامعاتها/ أكاديمياتها لتحقيق احتياجاتها التدريبية والتطويرية بالدرجة الأولى..
الخيار الثاني: إعلان تأسيس جامعة سعود الصحية كجامعة مستقلة مرجعيتها وزارة التعليم بميزانية ومقرات مستقلة كبقية الجامعات السعودية الأخرى. هنا تتحول مستشفيات الشؤون الصحية إلى مقرات تدريبية متعاونة، أسوة بمستشفيات وزارة الصحة التي تستفيد منها الجامعات في مختلف مناطق المملكة. الفكرة هي الفصل المالي والتوظيفي والمكاني والأكاديمي بين الجامعة ووزارة الحرس.
الخيار الثالث: دمج جامعة سعود الصحية مع إحدى الجامعات الحكومية الأخرى بمدينة الرياض، بشكل كامل أو باعتبارها فرعاً للجامعة. على سبيل المثال، قد يكون مناسباً استحواذ جامعة الملك سعود (بحكم تشابه الاسم والتخصصات) على الجامعة الصحية، طالما الجامعة الأم في طور الاستقلالية فهذه فرصة استثمارية كبرى. أو جامعة الأميرة نورة لتبدأ عصر التحول إلى جامعة للبنين والبنات. مع ضم الفروع بالمناطق لأقرب الجامعات لها، فيصل في الأحساء وعبدالعزيز في جدة.
الخيار الرابع: تخصيص الجامعة بالكامل، بمعنى بيعها على القطاع الخاص والمستثمرين. هذا خيار مغرٍ جداً لدخول جامعات أهلية أو قطاعات صحية خاصة كبرى أو جامعات أجنبية (مستثمر أجنبي) للاستحواذ عليها وتطويرها والأخذ بها إلى آفاق عالمية متقدمة. قد يكون أحد النماذج التي نجرب تطبيقها في موضوع تخصيص الجامعات.
لقد كانت مبررات تأسيس الجامعة؛ سد النقص في احتياجات القطاع الصحي، تقديم نموذج تعليمي متطور والاستفادة من موارد الحرس الوطني. ثبت مع الأيام بأن الكلفة عالية ويوجد فائض في المخرجات ولم يخلق تميزاً يفوق ما تقدمه جامعات النخبة السعودية الأخرى. من هنا، ومع التطور الكبير الذي نخطوه في مجال التشريعات والتنظيمات القانونية، لا نريد تكرار حجة «الخصوصية» التي تستخدم كثيراً لتمرير أو تأجيل بعض القرارات الواجبة ومنها قرار استقلالية الجامعة. لا يمكن تطور جامعة لا تملك الأرض التي تقع عليها، ولا يوجد لها نظام مالي وميزانية مستقلة واضحة، ومسؤولوها ينتمون إلى قطاعات أخرى ...إلخ.
لقد دعمت وزارة الحرس الوطني بكل سخاء تأسيس جامعة سعود الصحية وبغض النظر عن الخيار الذي يتم اتخاذه، نكرر لها التقدير والشكر.