سارا القرني
كان هنالك رجل يشغل منصبًا رفيعًا في إحدى الشركات الكبيرة، وكان دائمًا مشغولًا جدًا ولديه الكثير من المهام لإنجازها، لكنه عانى من ضياع الوقت وعدم فعالية إدارته، أخذ الرجل قرارًا لتحسين إدارة وقته، بدأ برؤية هدفه الرئيسي وتحديد أولويته.. ثم قام بجدولة مواعيد العمل وإعطاء كل مهمة وقتًا محددًّا لإكمالها، علّم نفسه كيفية التركيز وعدم التشتت عند القيام بالمهام، وقرر أيضًا تقديم استراحات قصيرة خلال اليوم للاسترخاء وتجديد الطاقة، وتعلم فن التخطيط والتنظيم للقيام بالأعمال الطارئة دون تأخير العمل على المهام اليومية، وباستخدام هذه الاستراتيجيات، تغيرت حياته المهنية تمامًا، أصبح أكثر إنتاجية وكفاءة وأقل توترًا، واستطاع أن يوازن بين العمل والحياة الشخصية بنجاح كبير، إدارة الوقت أتاح له الاستمتاع بأنشطته المفضلة ومشاركة يومه مع أسرته وأصدقائه، وشعر بالرضا والتوازن في حياته، هكذا اكتسب الرجل مهارة إدارة الوقت ليصبح قائدًا فعالًا ومثالًا يحتذى به.
إن إدارة الوقت وتنظيم الحياة تُعتبر فنًّا يتطلب الحكمة والتخطيط الجيد للوصول إلى النجاح والسعادة، فالوقت هو مورد ثمين لا يمكن استعادته مرة أخرى، ومن يستطيع استغلاله بشكل فعّال يضمن نجاحه في كافة جوانب حياته، وتعتبر إدارة الوقت أداة حاسمة تُساعد على تحقيق الأهداف، وتجعل الحياة أكثر تنظيمًا وراحةً.
البداية في إدارة الوقت تبدأ بتحليل الأولويات وتحديد الأهداف الشخصية والمهنية التي نرغب في تحقيقها، ثم يجب تحويل هذه الأهداف إلى خطوات ملموسة وقابلة للقياس، ويُنصح باستخدام تقنيات إدارة الوقت المثلثة التي تتضمن التخطيط والتنظيم والتنفيذ.
ويمكننا معرفة أهمية إدارة الوقت وتنظيم الحياة حين نقرأ ما قاله العظماء في هذا الشأن، فقد قال الفيلسوف الصيني كون فوتزيوس: «القادرون على استغلال الوقت هم القادرون على استغلال الحياة.» حيث يعكس هذا القول أهمية إدراك أن الوقت لا يعود وأن كل لحظة تفوت علينا قد تكون ضياعًا لفرصة تحقيق النجاح.
وقد أشار العالم الأمريكي بنجامين فرانكلن إلى المهارات الأساسية التي يجب أن يتمتع بها المرء في إدارة الوقت، حيث قال: «الإنسان الذي يعرف قيمة الوقت يكتشف ثروة لا مثيل لها.» وبناءً عليه فإن معرفة قيمة الوقت تقودنا لإضافة قيمة لحياتنا الشخصية والمهنية.
من جانبه، ألقى العالم الهولندي بيتر دروكر نظرةً رائعةً على إدارة الوقت عندما قال: «لا تقم بإنفاق الوقت، بل استثمره فيما يشغل اهتمامك.» فبدلًا من ضياع الوقت في أمور تافهة، يجب استثماره الاستثمار الأمثل.
ولم يكن الفيلسوف الروماني سينيكا أقلّ تحفظًا، حيث قال: «الوقت مثل النهر، لا يمكننا أن نلمس نفس الماء مرتين.» يقصد أن لحظات الوقت فريدة ولا تعود، ومن الحكمة الاستفادة القصوى من كل لحظة فريدة تمر بنا.
قد تكون إدارة الوقت عمليةً تتطلب تركيزًا وتحملًا للمسؤولية، ولكنها تستحق الجهد المبذول. فباستخدام تقنيات إدارة الوقت، والاستفادة من تجارب السابقين، يمكن لنا أن نتقدم نحو تحقيق النجاح والسعادة، فلنستثمر الوقت بحكمة، ولنحول أفكارنا إلى أفعال، ولنهدي لحظاتنا القيمة والفرصة لتحقيق النجاح في كل جانب من جوانب حياتنا.