عثمان أبوبكر مالي
زادت مؤخراً حالات الانفلات (اللفظي) في الوسط الرياضي بين كثير من فئاته، خاصة الجماهير الرياضية في مدرجات الأندية أو من بعض الإعلاميين والمغردين على موقع التدوين الدولي الشهير (منصةX) وبشكل مقزز ومستفز وواضح جدًا(!!)
الانفلات الحاصل فيه كثير من الإساءة للأندية الرياضية، وهي كيانات كبيرة حكومية ورسمية، تمثل الملايين من أبناء الوطن الذين يرتبطون معها بكل إشكال الانتماء وعلاقاته المباشرة (شكلاً ومضموناً) ويتجاوز لذلك ما ينتج من تلك الإساءات (الدائرة الضيقة) أو الكيان المحدد التي كانت (مقصودة) في بدايات ذلك الخروج، عندما يظن المسيء أنه يقصد (شكلاً أو فرداً) أو يذهب به تفكيره السطحي إلى اعتقاد محدودية ما يقوله وما يقذف به من لفظ قبيح!!.
سأكون مباشراً جداً، فأقول إن استخدام أوصاف بين منسوبي بعض الأندية عند الحديث عن نادٍ آخر أو عن جماهيره للدلالة عليه وتعريفه، من خلال مسميات أو توصيفات مسيئة، أو كلمات متدنية أو مواقع قبيحة فيها تجريح وانتقاص بل (مسبّة) غير مقبول أبدًا إطلاقها على الإنسان (الذي كرَّمه الله تعالى) للدلالة بها عليه وعلى أنه مشجع للنادي الآخر، هو أمر غير رياضي ولا حضاري ولا إنساني حتى، ناهيك عن أنه قبل كل هذا غير ديني ولا أخلاقي، ولا يقبل إطلاقًا، والمقصود الكلمات التي تندرج تحت لفظ (الطبقية والعنصرية المقيتة) بكل أشكالها وأنواعها ومسمياتها، والعنصرية في الإسلام هي (التفرقة والتمييز بين الناس على أساس من الجنس أو اللون أو اللغة أو الدين أو حتى المستوى الاجتماعي والطبقي).
الظهور اللفظي لما أقصده، وإن بدأ أو جاء على أساس من المزح أو (الطقطقة) في المدرجات ووسائل التواصل الاجتماعي إلا أنه (فلت) وتوسع وارتفعت حدته نتيجة الصمت عنه، فأصبحت ألفاظًا تقال (قصدًا وعمدًا) وبتصنيف يعتمد الانتماء أو الشعار أو اللون والمناطق، بل أخذت تتطور في تعددها ولم تعد مجرد كلمة أو لفظ واحد، إنما أصبحت تتزايد في تفريعاتها و(نعراتها) الموغلة في القبح والإساءة والتشويه. والمؤسف أنها بعد السكوت عنها بدأت تجد الرضى والقبول و(مشي حالك) إلى درجة أنك قد تجد (صديقين) مختلفين في الميول والانتماء ينادي أو يطلق أحدهما على (خويّه) مسبة ناديه ويرد الآخر عليه بمسبة النادي الآخر، ويتبادلان القبول والضحك، رغم ما في كلماتهما من نعرات وإساءة وعنصرية مقيتة، بل رغم وجود من يشاركهما الميول والجلسة ويرفض ما يسمع ويقال!!
ولأني أكرم القارئ من أن ألوث أذنيه وأورد هنا بعض الأوصاف المقيتة والكلمات المزرية والألفاظ العنصرية، التي أصبحت (معروفة) ومنتشرة، فإن المطلوب من هذا الطرح هو أنه آن الأوان للالتفات إلى ما يجري، وأن يحدث تعاون بين الجماهير الرياضية لرفض الخروج الحاصل وعدم قبوله من المدرج نفسه ضد وقبل المدرج الآخر، وأن يكون هناك توجه (رسمي) في الأندية والجهات الرسمية (رياضية وإعلامية) لمحاربة ووقف ما يحدث، قبل أن يتحول إلى ظاهرة يصعب الوقوف أمامها والتصدي لها، خصوصًا أن الواضح أن هناك - كما ذكرت آنفًا - تزايدًا وانتشارًا للموضوع وقتًا بعد آخر.
كلام مشفر
* بعض الألفاظ والكلمات التي تصدر أثناء أو بعد المباريات من بعض الجماهير تعدُّ (شرعًا) سبًا وقذفًا يعاقب عليها الشرع، ومع ذلك يطلقها البعض بما فيهم (رؤساء روابط المشجعين) علنًا وعبر المايكات الرسمية ويسمعها الجميع، ولا يعرف هؤلاء أن أي كلمة فيها إهانة بكلام قبيح أو عبارة جارحة تعد في القانون (سبًا) يحاسب عليه الشرع.
* التفاضل بين أنديتنا له أوجه كثيرة وجميلة، لا يمكن ولا يقبل أن يكون منها السب أو الشتم أو الطبقية أو اللون وإطلاق المسميات الهابطة علنًا وبتعصب وعنصرية تتنافى مع الرياضة وقوانينها ومبادئها التي تسمو بكل من فيها، وتحترم إنسانية المنافسين وتتعامل معهم باحترام والتزام بقيم الروح الرياضية واللعب النظيف التي يعرفها كل رياضي حقيقي.
* التصدي للخروج والتجاوز والانفلات الذي يحصل تجاه الألفاظ والكلمات أو (الهتافات) التي تطلق على الأندية والكيانات الرسمية، ليست على المدرجات في الملاعب والصالات، وإنما هناك مواقع وأماكن أصبحت بمثابة (المصدر) لها وهي وسائل التواصل الاجتماعي، وكثير مما يقال من هذه الألفاظ تبدأ هناك ثم تنتشر، وهي ترتقي إلى مستوى استحقاقها للعقوبات المنصوصة التي تصدر في حالات (الجرائم المعلوماتية).