هدى بنت فهد المعجل
إلى ماذا يلجأ من أراد إصلاح نفسه..؟
هل يلجأ إلى تبرير الخطأ..؟
كيف يُصلح الخطأ إذا كان يُبرره، أو ربما لا يراه ولا يعترف به أصلًا..؟
أمام هذا الوضع هل نجد الشخص هنا على قدر من الفهم لنفسه..؟
نعرف أن الإنسان الذي لا يفهم نفسه، هو من يلجأ إلى كم هائل من المبررات، بالتالي يرى عيوب الآخرين ويدركها في حين لا يرى أو يدرك عيوبه، وأمام ذلك الكم الهائل من المبررات يستمر في ارتكاب الخطأ تلو الخطأ، فلماذا يقع أو نقع مثله في فخ تبرير الخطأ..؟ قد يكون انتصاراً للذات، أو تضليلاً وكذباً، وربما أنانية وغرور وهو يرتكب هذا الشيء بينه وبين نفسه، وأمام الناس لدرجة إلقاء اللوم على الآخرين أو ما يطلق عليه في علم النفس الإسقاط النفسي تلك الحيلة الدفاعية اللاشعورية، وعملية هجوم يحمي الفرد بها نفسه بإلصاق عيوبه ونقائصه ورغباته المحرمة والمستهجنة بالآخرين.
التبرير أشبه بعذر يأتي به الفرد ويكون أقبح من الذنب الذي ارتكبه بهدف التملُص من المسؤولية، أو من مواجهة حقيقته فنجد بعض الطلبة إذا أخفق في مادة أثقل كاهل المعلم وحمّله ما لا يحتمل من عدم قدرته على إيصال المعلومة لطلابه فهل يصلح من مستواه ويتجاوز العقبات من هذه مبرراته..؟
ثقافة التبرير آفة وظاهرة منتشرة عند الفرد والمسؤول، الصغير والكبير، يستندون عليها لكي تحل محل الأسباب الحقيقية. أيضًا إحساس الإنسان بكماله المتناهي يدفعه لتبرير الخطأ أو لأنه وسط مجتمع يريده كاملًا ولأنه لا يستطيع؛ استند عليه. وبالنسبة للطفل فقد يكون الغضب أو العنف أو النقد الذي ينصب عليه من والديه أو غيرهم سببًا في لجوئهم لتبرير الخطأ حيث إنه الحيلة دفاعية الأكثر أمانًا لهم. فما هو الأسلوب الأمثل للشفاء من هذه الآفة..؟
أجد أن مراقبة الشخص نفسه لتصرفاته مجدية جدًا، أيضًا التركيز على إصلاح مختلف الأفكار التي بحاجة للإصلاح، مع العمل على إعادة برمجة اللاوعي أو العقل الباطن. بجانب الإيمان بأن معرفة الخطأ بالتالي الاعتراف به قوة ونصر وانتصار وليس ضعفاً أو هزيمة، هذا لأن كثير التبرير لأخطائه يحتاج إلى ثقة أكبر، أو يحاول المحافظة على ماء وجهه، أو سمعته، أو كرامته بينما في قرارة نفسه هو معترف بخطئه، لذا نجده يهرب من الفشل أو الإخفاق أو مواجهة المسؤولية إليه، إلى التبرير. وسيتجاوز محنته متى ما استوعب ذهنه أنه من الطبيعي وقوع الإنسان في الخطأ، بل وارتكاب أخطاء كثيرة طالما أنه يعيش حياته، يعمل ويتعامل مع نفسه ومع الناس.
علماً بأنه ثمة أخطاء يصعب التعرف عليها وإدراكها بالتالي التخلص منها بسبب تجذّرها في اللاوعي ويتحكم فيها منطق عقلي مغلوط، وهو ما يسميه الفلاسفة القدماء بـ«المنطق الفاسد» الذي يقابله المصطلح الإنجليزي Logic fallacy .