نجلاء العتيبي
عندما تكون الأحداث في أوْجِها تنشط الإشاعات...
تأخُذُ من كلِّ وادٍ فتكبُرُ مثل كرة الثلج، تسحقُ في طريقها كلَّ الحقائق.
تستنزف البشر، وتصرف النظر...
في هذا الوقت المتشابك أصبحت الأغلبية تُردِّد عن جهل أو خبث عبارات لا تعلم مصدرها، ولا معناها، ولا عمقها ومقصدها من بثِّ الفتنة، وإثارة الخوف والنزاعات، وتهويل للأحداث، غش وخداع، سباب وشتائم.
بذاءات لفظية غريبة تُنافي تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف، ترويج لأخبار كاذبة؛ لإحداث حالة من الفوضى والبلبلة، وسيلةٌ ملتويةٌ لخرْق وَحْدةِ الصفوف، تحاول المساس بالأمن الوطني، وبزعزعة الاستقرار النفسي للمواطنين بنشر الذُّعر والرعب.
تُدارُ بأيدي أعداء متخفِّين، تعمل على مدار الساعة، تستخدم تطبيقات التواصل الاجتماعي؛ لتُشكِّل لوبيات مدمِّرة؛ لإشعال النار بين الشعوب.
مع تكرار تداولها قد يصعُبُ تكذيبها؛ لأنها أصبحت خبرًا متواترًا متناقلًا تُرَّهاتٍ حمقاءَ، تزيد الوضع سوءًا.
نُصبح ونُمسي على ترنداتها المضللة المظلمة، ومن العجيب أنها تحظى بآلاف الإعجابات والمشاركات؛ لتشويه علاقة الإنسان بالإنسان! لخلق أزمات بين الدول؛ للاستفادة من تقسيم المجتمعات إلى أقسام مختلفة متناحرة، والتأثير عليها سلبًا، وهذا ما يحصل الآن، مبدأ استغلالي خبيث.
لا يقبل العقلُ ولا العقلاءُ هذه الأصوات التي تنادي بخراب الديار، وتوقُّف الحياة، وهذا التلاعب بعواطف البشر؛ لإثبات صدق ادِّعائهم، كم هو مقزِّز!
ضعيفُ النفس يُحيل ما سُخِّر له من مفيدٍ إلى وسيلة دمارٍ وهدمٍ، يصنع من التقنيات الحديثة وحوشًا تبتلع كلَّ ما هو جميل.
لطالما كانت الشائعاتُ المغلوطةُ في كل العصور بوابَّةَ الشر والتفكُّك.... تُخلِّف الأحقاد والشِّقاق.
قال شيخ الإسلام: (فأخبَرَ أن المنافقين لو خرجوا في جيش المسلمين ما زادوهم إلا خبالًا، ولكانوا يَسْعَوْنَ بينهم مُسرعينَ، يطلبون لهم الفتنة، وفي المؤمنين مَن يقبلُ منهم، ويستجيب لهم: إمَّا لظنٍّ مُخطئٍ، أو لنوعٍ من الهوى، أو لمجموعِهما، فإن المؤمنَ إنما يدخُلُ عليه الشيطانُ بنوعٍ من الظنِّ، واتباع هواه).
في نهاية هذه الزوبعة سينتصر الحقُّ على الباطل، لا شيء يدوم، سوف تنتهي هذه المعارك الخاسرة، ولن تبقى إلا الأفعال الحقيقية المجدية، والمواقف المشرفة.
سوف يكتب التاريخ نفسه رغم أنف المدلِّسين.
أرجو من المولى، عزَّ وجلَّ، أن يديم علينا نعمة الأمن والاستقرار، والتقدُّم والازدهار، وأن يشمل برعايته وعنايته جميع بلاد المسلمين، وأن يحمينا من شرور فتن المتربِّصين والمغرضين.
ضوءٌ..
{لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} (47) سورة التوبة.