ناهد الأغا
مقرونةٌ بالخير يا أرض العُلا
مجبولةٌ تأوي الحيارى سنينا
نبلاً نكنّ وفي النفوس سماحة
على نهج من يبقي الوفاء وفينا
العُلا الواحة الوارفة، التي تَعجُ حضارة وتاريخاً مجيدًا بآثار زاخرة، لأمة أوغلت بعُمقِ الحضارات الغابرة، فتقرأ بتمعن على صخورها ما كان على هذه الديار من حياة لأقوام عمروها فأحسنوا البناء، وتصاريف الحياة، وأسسوا بنيانًا شامخاً في النفوس قبل الأرض.
عاصمة زاخرة وشامخة بما حظيت من معالم بارزة وآثار تليدة، تروي بذاتها قصصًا وروايات عما دار عليها من الأمجاد والأمم العريقة، فقصدها الباحثون والدارسون تعقيبًا وتحليلاً، وقراءة عميقة، فكانت الميدان الفسيح لكل مهتم بالحضارة العربية القديمة، والمادة الخصبة للبحث بمعالمها ومقوماتها من قلاع صامدة وتاريخ تليد، وأتوقف عند إشارة الشاعر سالم محمد الحداد -رحمه الله - الذي أحب وعشق أرض العُلا لذلك الإرث الخالد، الذي تزخر به أرض العُلا، بقوله:
أنظر للآثار تلكم آية
من قبلنا الإنسان كيف بناها
والمابيات وسوق قرح حولها
وكذا الخريبة حوضها وحصاها
ويُلمسُ عندما تطلق التفكير أهمية موقع منظقة العُلا من قيمتها التاريخية والطبيعية، وتدرك مدى الاهتمام السامي بها، ورعايتها وعنايتها، وقد تجذر ذلك جليًا وتكرس بصدور الأمر الملكي السامي من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله ورعاه- بتأسيس الهيئة الملكية لمحافظة العُلا بتاريخ 26 شوال 1438هـ الموافق 20 تموز 2017م، إيمانًا راسخًا من خادم الحرمين الشريفين، بأهمية بقاء اتقاد شعلة أهمية العُلا التاريخية والحضارية والأثرية والطبيعية والإنسانية في المسيرة الوطنية السعودية المشرقة، التي تنسجم ورؤية الخير 2030، وتعزيز الواجهة السياحية والبحثية والاقتصادية الناجعة للمملكة، وحظيت هذه الهيئة الملكية، برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان آل سعود سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظه الله، وتأخذ الهيئة الملكية على عاتقها وتبذل سعيها الحثيث بتحقيق رؤية المملكة، وتقديم سُبل التعاون المثمر مع عديد من الجهات والفعاليات من داخل المملكة وخارجها، وإيلاء المجتمع المحلي الأهمية الكبرى وتحفيز فرصهم وإمكانياتهم من تأهيل وتدريب وتعليم، إضافة إلى توفير فرص عمل للقاطنين من أبناء هذه المنطقة، وتحرص الهيئة الملكية لمحافظة العُلا جليًا بالتركيز على توفير البنية التحتية المناسبة، والعناية والترويج للمعالم والمرافق السياحية الجميلة والمميزة، والمحافظة على المظاهر الطبيعية والبيئية الخلابة في هذه المنطقة، فكانت المبادرات القيمة من: سكن، برنامج العُلا للابتعاث، برنامج حماية، المسح الأثري بمحافظة العُلا، محمية شرعان الطبيعية، منتج شرعان، إضافة إلى الشراكة بين الهيئة الملكية لمحافظة العلا و»بانثيرا» لدعم مبادرات النمر العربي المهدد بالانقراض من خلال دعم البحث العلمي الخاص بذلك وتمكنها من خلال الانضمام إلى التحالف العالمي لحماية القطط البرية، وإنشاء صندوق عالمي يركز على حماية وتعزيز تكاثر ما المتبقي من الحيوانات البرية.
وفرصة رائعة لامتطاء صهوة جواد السفر، والتنقل برحلة عبر الزمن عبر أكبر متحف حي في العالم، يعيش فيه الشخص تجربة حية جميلة بالتجوال بين الثقافة والطبيعة في أجمل اللوحات وأنقاها، فتسافر على جناح السرعة إلى أعماق التاريخ والحضارة والبيئة الساحرة، وتعود مملؤًا بالبهجة والسرور.
ويعلى نبراس الهوية الأثرية المتميزة والفريدة، وتكون قبلة أنظار العالم مع انطلاقة قمة العلا العالمية للآثار في نسختها الأولى خلال المُدة ما بين 13 و15/أيلول /2023، وستتجذر الهوية الراسخة الضاربة بجذور البيئة الحضارية والإنسانية بعمق تاريخ هذه الأرض ومسيرتها عبر القرون الممتدة من الزمان، وستبرز الروح النابضة من بقاع خالدة لا تموت، وسيجتمع رواد العلم والبحث والتنقيب، في علم الآثار من حول العالم كاملاً في أفضل مواقع البحث بشؤون أمم سابقة رسمت للقادم إرثاً خالدًا في الوجدان، فلينعم الإنسان عنوان النهضة وصاحبها بكل ما فيه نفع وازدهار، وتحقق بنود ومسعى رؤية 2030 الثاقبة.