سلمان بن محمد العُمري
حثت شريعتنا الإسلامية السمحاء على كل معروف وعمل جليل جميل يفضي إلى الخير والإحسان للآخرين، ومن بين هذه المحاسن في الإسلام الصدقة التي ليست حكراً على من يملك المال، وهي تطلق على جميع أنواع المعروف والإحسان دون الفرائض والواجبات التي يستوي فيها من عنده مال ومن ليس عنده، وهي عامة لعموم أبناء الأمة؛ فرسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كل معروف صدقة»، وهذا تعميم لا تعرفه حضارة أخرى غير الإسلام، «إن تبسمك في وجه أخيك صدقة»؛ فهل أكثر من ذلك، وعلى الرغم من سهولة تحقيق الصدقة فإنها ذات ثواب عظيم وكبير، يقول الله تعالى: {إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ}، وقد وعد الله تعالى عباده الصادقين والمتصدقين بأوفى الجزاء وأجزل العطاء يوم الحساب.
إن النظرة الإسلامية للصدقة هي من الشمولية والروعة لدرجة تجعل منها قاعدة مطلقة في السلوك الإسلامي، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تكف شرك عن الناس فإنها صدقة»، وفي حديث شريف آخر «نفقة الرجل لأهله صدقة»، ويقول صلى الله عليه وسلم: «كل سلامي من الناس عليه صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس تعدل بين اثنين صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وبكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة، وتميط الأذى عن الطريق صدقة»، وفي حديث شريف آخر يقول صلوات الله وسلامه عليه: «إن بكل تسبيحة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، وفي بضع أحدكم صدقة».
سبحان الله هذا هو الجمال الحقيقي للإسلام الحنيف الذي يجعل لك الثواب في كل أفعالك ما دامت في إطار تقوى الله ومحاولة نيل رضوانه.
إن الصدقة ولعظيم نفعها وكبير ثوابها أمر كبير، وهي بحاجة لأن يحافظ عليها الإنسان فعلاً واستمرارية، بمعنى لا يبطلها بالسيئات وبالأفعال غير المقبولة، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى}، نعم فالمن والأذى يبطل الصدقات.
وفعل الصدقة كفعل الخير مستمر متواصل متنوع، والفقير ليس الذي لا يملك المال ولا يستطيع أن يتصدق ولكن الفقير هو فقير المشاعر والأحاسيس الذي لا يسدي الجميل للناس لا بالأقوال ولا بالأعمال وليس بالمال وحده، بل حتى الابتسامة لا يجود بها على الآخرين.
ولعله من الأهمية بمكان أن نرسخ مفهوم الإحسان الواسع هذا المنهج الإسلامي النبيل في المجتمع، وبالذات لدى الناشئة والشباب في مجالسنا ومدارسنا بل في سائر حياتنا وتعاملاتنا، جعلنا الله وإياكم من المتصدقين قولاً وعملاً.