بَعَدْتُمْ عَنْ العَيْنِ فَاِزْدَادَ حُبُّكُمْ
وَغِبْتُمْ وَأَنْتُمْ فِي الفُؤَادِ حُضُورُ
لقد تلقيت ببالغ الحزن والأسى خبر وفاة فضيلة الشيخ محمد بن عبدالله العمري كاتب عدل حريملاء سابقاً، والذي انتقل إلى رحمة الله مساء يوم الثلاثاء 1445/3/25هـ في محافظة الطائف وتمت الصلاة علية بعد صلاة عصر يوم الأربعاء 1445/3/26هـ في جامع ابن العباس بالطائف، ثم وُوْرِيَ جثمانه الطاهر بالمقبرة المجاورة للجامع والتي تسمى بمقبرة العباس (رحمه الله رحمةً واسعة).
ولقد كانت ولادته في عام 1352هـ في بلاد بني عمرو ونشأ وترعرع فيها بين أحضان والديه وأقرانه، وتعلم بالكُتَّاب في قريته مبادئ القراءة والكتابة وحفظ ما تيسر من القرآن الكريم، وبعدما كبر سافر إلى المنطقة الغربية وعمل أعمالاً مختلفة، ثم التَحَقَ بالسلك العسكري بجدة، وكان بالقرب من وحدته العسكرية مدرسة فانضم لها جامعاً بين الدراسة والوظيفة إلى أن أتم المرحلة الابتدائية، بعدها ترك السلك العسكري واتجه إلى الدراسة بالمعهد العلمي بالباحة حتى نال الشهادة الثانوية، وكان من أقرانه وزملائه حِينَئِذٍ الشيخ علي بن عبدالرحمن الحذيفي إمام الحرم المدني، وكان في أثناء دراسته بالمعهد العلمي يعمل بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الفترة المسائية، بعد ذلك انتقلَ إلى الرياض ملتحقًا بكلية الشريعة حتى نال شهادتها بتفوق، وتم اختياره مساعداً قضائياً في مكة المكرمة ورفض فيما بعد تولي القضاء زهداً وورعاً، فتم تعيينه رئيساً لكتابة العدل في محافظة حريملاء وذلك من عام 1394هـ إلى عام 1408هـ، وبعدها نُقِل ليكون رئيساً لكتابة العدل بمحافظة الطائف حتى تقاعد عام 1412هـ تقريباً حميدة أيامه ولياليه.
وكان نعم الجار والصديق لنا حيث كان مسجد الحي يجمعنا نتبادل الزيارات فيما بيننا:
فَكَيْفَ إذَا مَرَرْتُ بِدَارِ قَوْمٍ
وَجِيْرَانٍ لَنَا كَانُوْا كِرَامِ
وقد انتقل إلى الحي الجديد في حي الحزم بحريملاء عام 1403هـ تقريباً وكان إماماً لأحد مساجد الشيخ عبدالله بن عمار -رحمهم الله- حتى انتقاله إلى محافظة الطائف حيث كان إماماً لمسجد التوفيق بالطائف.
وكان -رحمه الله - كريماً طيب المعشر سمح المحيا باذلاً في أوجه الخير ومحباً له، وقد عرض عليه سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز -رحمهم الله- أن يعطيه خطاباً يسمح له بالدعوة والفتوى فاعتذر عن ذلك وقبل الشيخ اعتذاره.
وكان رحمه الله محباً لحريملاء وأهلها كما بادلوه ذلك الحب والوفاء.
وكان لنا مع «أبا عبدالله» ذكريات جميلة وزيارات متبادلة حتى بعد انتقاله إلى الطائف حيث كنت أزوره في منزله كلما سنحت الفرصة في الذهاب إلى الطائف، وكانت الاتصالات الهاتفية مستمرة بيننا بين الفترة والأخرى، فكانت حياته مليئة بالكفاح والعمل المشرف في كل الأعمال التي قام بها، وقد خلف ذرية صالحة بنين وبنات:
قَضَيتَ حَياةً مِلؤُها البِرُّ وَالتُقى
فَأَنتَ بِأَجرِ المُتَّقينَ جَديرُ
رحم الله الفقيد وألهم أخاه العميد حمدان وأبناءه الأفاضل: عبدالله وأحمد وعبدالرحمن، وبناته وأقاربه ومحبيه الصبر والسلوان.
** **
- عبدالعزيز بن عبدالرحمن الخريف