فضل بن سعد البوعينين
مرحلة جديدة من التحرك الخليجي كمجموعة واحدة أمام التكتلات الاقتصادية والسياسية الدولية وبما يزيد من تأثير دول المجلس ومكاسبها ويسهم في طرح رؤيتها المحققة لمصالحها، بشمولية ووضوح. تحرك مهم تقوم به المملكة، وشقيقاتها، لبناء علاقاتهم الخارجية على أسس من التنوع والمصالح المشتركة، وفق رؤية موحدة، وهو ما جعل الرياض مقرا شبه دائم للقمم الخليجية المشتركة مع المجموعات الدولية المختلفة. يعكس التحرك الخليجي الموحد، حجم التفاهم والتكامل والتجانس الأمثل بين دول المجلس، وبما يحقق أهدافها وتطلعات الشعوب الخليجية.
عكست قمة دول مجلس التعاون ودول رابطة آسيان التي عُقِدَت في الرياض، جانبا مهما من التنسيق الخليجي الذي أصبح أكثر تنظيما، وتنوعا، وشمولية محققة للأهداف الإستراتيجية، وداعمة في الوقت عينه، للرؤى التنموية التي بدأت دول الخليج في تنفيذها. كما عكست دور المملكة القيادي، والثقة التي حظيت بها من المجتمع الدولي، والدور الملهم لسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في سعيه الدائم لتحقيق التنمية الشاملة، وتعزيز اقتصادات دول المجلس، والدول العربية، حيث تتجاوز رؤيته التنموية حدود المملكة لتصل إلى دول الخليج والدول العربية الشقيقة وبما يحقق التكامل بينها.
ستسهم قمة الرياض في تعزيز التحالفات السياسية والاقتصادية بين دول الخليج ورابطة آسيان، واستثمار المقومات المتاحة للمضي قدما في الشراكات الاقتصادية والتكامل الإستراتيجي، والانطلاق بها إلى مرحلة متقدمة من الشراكات النوعية المحققة للتنمية الاقتصادية وصناعة المستقبل، وبما يسهم في تنويع مصادر الاقتصاد واستثمار الموارد والمقومات المتاحة.
أصبح العمل المؤسسي المنظم سمة بارزة للقمم التي تدعو لها المملكة، ومنها قمة دول مجلس التعاون ودول رابطة (آسيان)، التي أعلن فيها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عن خطة عمل مشتركة بين المجموعتين للفترة من 2024 حتى 2028 لوضع خريطة طريق لتعزيز التعاون والشراكة في مختلف المجالات و»لتحقيق أقصى استفادة مشتركة من الموارد اللوجستية والبنى التحتية وتعزيز التعاون في المجالات السياحية والأنشطة الثقافية والتواصل بين شعوبنا».
أشار سمو ولي العهد في كلمته إلى ما حققته المجموعتان من إنجاز في طريق التنمية الاقتصادية، وما شهدته العلاقات التجارية من تطور ونمو، والرغبة في تعزيز العلاقات الاقتصادية والاستفادة من الفرص المتاحة وفتح آفاق جديدة للتعاون في جميع المجالات.
تمتلك المجموعتان فرصا تجارية واستثمارية يمكن استغلالها لتحقيق النمو والتنوع الاقتصادي والدفع بالعلاقات إلى مراحل متقدمة من الشراكة الإستراتيجية المستدامة. فدول الخليج تمتلك الملاءة المالية والصناديق السيادية الضخمة التي تبحث عن فرص استثمارية، وقطاعات اقتصادية واعدة، وفرص انبثقت عن رؤاها التنموية، في الوقت الذي تمتلك فيه دول رابطة آسيان التكنولوجيا، والموارد البشرية الماهرة، والخبرات المتراكمة في التنمية الاقتصادية التي نقلت بعض دولها إلى مصاف الدول المتقدمة تكنولوجيا، صناعيا، وماليا. وإذا ما تم الربط بين الرؤى التنموية، وإعادة هيكلة الاقتصاد، والتحول الرقمي، فيمكن أن تكون سنغافورة وماليزيا، من أهم الدول التي حققت نجاحات مشهودة في التنمية الاقتصادية ما يجعلها قادرة على نقل خبراتها، والمشاركة الفاعلة في التحول الاقتصادي الذي تشهده دول الخليج.
أمن الطاقة، التجارة، الاستثمار، التنمية المستدامة، الطاقة الخضراء، السياحة، التحول الرقمي، الأمن الغذائي، والسوق المشتركة من أهم الملفات ذات الاهتمام المشترك والتي يمكن من خلالها تعزيز العلاقات الإستراتيجية بين المجموعتين وتحقيق أهدافها التكاملية المحققة للنمو الاقتصادي النوعي والمستدام.