د.عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
بشكل خاص الاقتصاد الألماني هو بين روسيا والصين بين اعتماد بلادهم على الهيدروكربونات الروسية لم تفلح في تحقيق السلام مع روسيا لكنها اعتدت على أوكرانيا ما جعل المستشار الألماني أولاف شولتز يرد على الاعتداء الروسي بإعلان نقطة تحول واتخاذ قرار إغلاق خط أنابيب نورد ستريم2، هناك كثيرون ينظرون إلى المشروع بوصفه لوثة لطخت شرف ألمانيا وفطنتها السياسية.
يعتمد الاقتصاد الألماني على التصدير يظل معتمداً بشكل كبير على السوق الصينية، فالنهج الذي تسلكه ألمانيا مع الصين متناقض، ورغم أن الرئيس الأمريكي بايدن رفض الاعتذار عن وصفه الرئيس الصيني شي جين بينخ بالديكتاتور، قام رئيس الوزراء الصيني لي تشيانج بزيارة ودية إلى ألمانيا، حيث احتفل هو وشولتز بالدور الذي تلعبه العلاقات التجارية الصينية الألمانية في موازنة المنافسة الصينية الأمريكية، كما أوضح مفوض الاتحاد الأوروبي التجاري فالديس دمبروفسكيس أن الاتحاد ليس لديه أي نية للانفصال عن الصين بعد عقود مضت جمعت الصين ودول الاتحاد الأوروبي علاقات إستراتيجية واقتصادية وثيقة وفق الأرقام ازدهرت العلاقات الاقتصادية بين الجانبين بحلول عام 2020 ، إذ وصلت التجارة الثنائية بين الصين والكتلة إلى حوالي 1.8 مليار يورو يومياً، حيث وصلت للمرة الأولى 912.6 مليار دولار عام 2021، وبين الصين وأمريكا بلغت 690.6 مليار دولار في 2020 نحو 536 مليار دولار صادرات صينية إلى أمريكا مقابل 153 مليار دولار صادرات أميركية إلى الصين.
هناك سياسيون يصفون بشكل خاص المستشارة الألمانية السابقة بأنها تجارية النزعة، مع ذلك فإنها كانت تتجه نحو المبدأ القائل إن الاقتصاد قادر على تشكيل السياسة ورأت في تطبيع العلاقات الاقتصادية وسيلة لتأمين السلام أثناء الحرب الباردة وبعدها، وهي الفكرة الأساسية وراء العولمة، بل ترى ألمانيا أن فكرة التجارة تفضي إلى السلام والسلام يفضي إلى التجارة ليست فكرة جديدة بأنها تعود إلى منتصف القرن الـ19 عندما قامت الوحدة الوطنية بسبب الفوائد الاقتصادية وأكد ذلك أوجست لودفيج فون ريتشاور الذي صاغ مصطلح السياسة الواقعية في ذلك الوقت.
قام مشروع الاتحاد الأوروبي في أوائل خمسينيات القرن الـ20 بوصفه جماعة لربط الفحم الألماني وخام الحديد الفرنسي كانت خطوة نحو التكامل الاقتصادي نزعت فتيل أزمات العداء القديم الذي أدى إلى ثلاثة صراعات دامية خلال الفترة 1870 إلى 1945 هذا المشروع الاقتصادي نجح في دمج أوروبا والحفاظ على السلام بين أعضائها، من هذا المفهوم تحاول السعودية تطبيقه في المنطقة عبر الطريقين الحزام والطريق والممر الهندي إلى أوروبا عبر إسرائيل بعد تحقيق دولة للفلسطينيين، أي أن التجارة تفضي إلى السلام والسلام يفضي إلى التجارة مستثمرة السعودية موقعها الجغرافي الذي يربط الشرق بالغرب والشمال بالجنوب وخصوصاً أنها تشرف على أهم الممرات المائية في العالم الذي هو بمثابة شريان الاقتصاد العالمي عبر مضيق باب المندب في البحر الأحمر.
حتى العلاقات الأمريكية الصينية بعد زيارة وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين بكين صرحت أن العلاقات بين الولايات المتحدة والصين باتت لديها الآن أسس صلابة بعد زيارة لبكين في يوليو 2023 هدفت إلى تخفيف التوترات بين أكبر قوتين في العالم، بل طالبت بمزيد من التبادلات والتعاون بين البلدين رغم الاختلافات، وشددت يلين على ضرورة التزام البلدين إدارة هذه العلاقة بمسؤولية في إيجاد طريقة للعيش معاً وتشارك الرخاء العالمي، وأكدت أن العالم كبير بما يكفي كي يستطيع بلدانا الازدهار، رغم أن يلين أقرت بوجود خلافات كبيرة بين البلدين تتمثَّل في أشباه الموصلات، وقد فرضت في الأشهر الأخيرة قيود أميركية من أجل قطع إمداد الشركات الصينية بالتكنولوجيا الأمريكية بما في ذلك الرقائق، اعتبرت الصين أن هذه الإجراءات تهدف إلى عرقلة تطورها والإبقاء على التفوق الأمريكي، لكن يلين اعتبرت هذه الإجراءات موجهة من أجل الحفاظ على أمنها القومي، وأكدت أنها لا تستخدم لكسب ميزة اقتصادية.
كذلك وصل جوزيف بوريل وزير خارجية الاتحاد الأوروبي إلى الصين في 12 أكتوبر 2023 للدفاع عن إستراتيجية خفض المخاطر التي ينتهجها التكتل حيال شريكه التجاري الأول وإرساء القواعد لعقد قمة، حيث قال علينا الاضطلاع بهذه التحديات لأنه لا يمكننا لا نحن ولا الصين تجاهل سوق الطرف الآخر بعدما شهدت العلاقات الصينية الأوروبية توتراً منذ الحرب الروسية في أوكرانيا في فبراير 2022 ، إذ امتنعت بكين التي تدعو إلى احترام وحدة أراضي جميع الدول عن إدانة موسكو، وتسعى بروكسل إلى التوفيق بين عزمها على الحد من اعتمادها على العملاق الآسيوي ولا سيما على الصعيد الاقتصادي والحفاظ على روابط متينة مع القوة الاقتصادية الثانية في العالم في مجالات التجارة والمناخ، فهي تريد الحد من المخاط مع الصين إنما ليس إلى فك الارتباط ما يعني خفض العلاقات أكثر.